منتديات تشلسي للأبد chelsea4ever.net

منتديات تشلسي للأبد chelsea4ever.net (http://forum.chelsea4ever.net/index.php)
-   المنتدى الأسـلامـــي (http://forum.chelsea4ever.net/forumdisplay.php?f=13)
-   -   ♥ موسوعة الصحابه ( رضيُ الله عنهم ) |||~~ (http://forum.chelsea4ever.net/showthread.php?t=76794)

Rakan Mata 01-24-2012 03:26 PM



جعفر بن أبى طالب
رضي الله عنه

أبي المساكين .. ذي الجناحين
مـن هــو ؟

جعفر بن أبي طالب ، أبو عبد الله ،
ابن عم رسـول الله
اخو علي بن أبي طالب ، وأكبر منه بعشر سنين ،
أسلم قبل دخول النبـي دار الأرقم ،
آخذا مكانه العالي بين المؤمنين المبكرين بعد واحد وثلاثين انساناً
وأسلمـت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عميـس ، وحملا نصيبهما من الأذى والاضطهاد في شجاعة وغبطة .. فلما أذن الرسـول للمسلمين بالهجرة الى الحبشـة خرج جعفر وزوجـه حيث لبثا بها سنين عدة ، رزقـا خلالها بأولادهما الثلاثة ..

جعفر فى الحبشة

ولما رأت قريش أن أصحاب رسول الله قد أمنوا واطمأنوا بأرض الحبشة ، قرروا أن يبعثوا عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص محملين بالهدايا للنجاشي وبطارقته عله يخرج المسلمين من دياره .. وحط الرسولان رحالهما بالحبشة ، ودفعوا لكل بطريق بهديته وقالوا له ما يريدون من كيد بالمسلمين ، ثم قدما الى النجاشي هداياه وطلبا الأذن برؤياه .. وقالا له ( أيها الملك ، انه قد ضوى الى بلدك منا غلمان سفهاء ، فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا في دينك ، وجاؤوا بدين ابتدعوه لا نعرفه نحن ولا أنت ، وقد بعثنا اليك فيهم أشراف قومهم من آبائهم وأعمامهم وعشيرتهم لتردهم اليهم ، فهم أعلى بهم عينا وأعلم بما عابوا عليهم وعاتبوهم فيه ) .. فأرسل النجاشي صاحب الايمان العميق والسيرة العادلة الى المسلمين وسألهم ( ما هذا الدين الذي قد فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا به في ديني ولا في دين أحد من الملل ؟) ..

فكان الذي اختاره المسلمين للكلام جعفر - رضي الله عنه - فقال ( أيها الملك ، كنا قوما أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا ، نعرف نسبه وصدقه ، وأمانته وعفافه ، فدعانا الى الله لنوحده ونعبده ، .. ، وأمرنا بصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، .. ، فعبدنا الله وحده ، فلم نشرك به شيئا ، وحرمنا ما حرم علينا ، وأحللنا ما أحل لنا ، فعدا علينا قومنا ، فعذبونا وفتنونا عن ديننا ، ليردونا الى عبادة الأوثان ، .. ، فخرجنا الى بلادك ، واخترناك على من سواك ، ورغبنا في جوارك ، ورجونا ألا نظلم عندك أيها الملك )..
فقال النجاشي ( هل معك مما جاء به الله من شيء )..
فقال له جعفر ( نعم ) .. وقرأ عليه من صدر سورة مريم ، فبكى النجاشي وبكت أساقفته ، ثم قال النجاشي ( ان هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة ! انطلقا .. فلا والله لا أسلمهم اليكما ، ولا يكادون ) ..

وفي اليوم التالي كاد مبعوثي قريش للمسلمين مكيدة أخرى ، اذ قال عمرو للنجاشي ( أيها الملك انهم يقولون في عيسى بن مريم قولا عظيما ، فأرسل اليهم فسلهم عما يقولون ) .. فأرسل الى المسلمين يسألهم فلما أتوا اليه ، أجاب جعفر - رضي الله عنه - ( نقول فيه الذي جاءنا به نبينا فهو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها الى مريم العذراء البتول ) .. فهتف النجاشي مصدقا ومعلنا أن هذا قول الحق ومنح المسلمين الأمان الكامل في بلده ، ورد على الكافرين هداياهم ..

العودة من الحبشة

قدم جعفر بن أبي طالب وأصحابه على رسول الله يوم فتح خيبر ، حملهم النجاشي في سفينتين ، فقبل الرسول بين عينيه والتزمه وقال ( ما أدري بأيهما أنا أسر بفتح خيبر ، أم بقدوم جعفر !) .. وامتلأت نفس جعفر روعة بما سمع من أنباء اخوانه المسلمين الذين خاضوا مع الرسول غزوة بدر وأحد وغيرهما ..

أبو المساكين

قال الرسول صلى الله عليه وسلم لجعفر ( أشبهتَ خلقي وخُلُقي ) .. وكان رسول اللهصلى الله عليه وسلم يُسميه ( أبا المساكين ) ، يقول أبو هريرة ( إن كنتُ لألصق بطني بالحصباء من الجوع ، وإن كنت لاستقرىء الرجل الآية وهي معي كي ينقلب بي فيُطعمني ، وكان أخيرُ الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب ، كان ينقلب بنا فيُطعمنا ما كان في بيته حتى إن كان ليُخرج إلينا العكّة التي ليس فيها شيء فنشقها فنلعَقُ ما فيها ) ..

الشهادة

وفي غزوة مؤتة في جمادي الأول سنة ثمان كان لجعفر - رضي الله عنه - موعدا مع الشهادة ، فقد استشهد زيد بن حارثة - رضي الله عنه - وأخذ جعفر الراية بيمينه وقاتل بها حتى اذا ألحمه القتال رمى بنفسه عن فرسه وعقرها ثم قاتل الروم حتى قتل وهو يقول :

يا حبذا الجنة واقترابها ... طيبة وباردا شرابها
والروم روم قد دنا عذابها ... كافرة بعيدة أنسابها
علي اذ لاقيتها ضرابها

أن جعفر - رضي الله عنه - أخذ الراية بيمينه فقطعت ، فأخذها بشماله فقطعت ، فاحتضنها بعضديه حتى قتل ، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ، فأثابه الله بذلك جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء ..

الحزن على جعفر

تقول السيدة عائشة ( لمّا أتى وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الحزن ) ..
فعندما أتاه نعي جعفر دخل الرسول الكريم على امرأته أسماء بنت عُميس وقال لها ( ائتني ببني جعفر ) .. فأتت بهم فشمّهم ودمعت عيناه فقالت ( يا رسول الله بأبي وأمي ما يبكيك ؟ أبلغك عن جعفر وأصحابـه شيء ؟) .. فقال ( نعم أصيبـوا هذا اليوم ) .. فقامت تصيحُ ، ودخلت فاطمـة وهي تبكي وتقول ( وَاعمّاه !!) .. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( على مثل جعفر فلتبكِ البواكي ) .. ورجع الرسول إلى أهله فقال ( لا تغفلوا آلَ جعفر ، فإنّهم قد شُغِلوا ) ..

وقد دخل الرسول من ذلك همٌّ شديد حتى أتاه جبريل عليه السلام فأخبره أن الله تعالى قد جعل لجعفر جَناحَين مضرّجَيْنِ بالدم ، يطير بهما مع الملائكة ..

فضلــه

قال أبو هريرة ( ما احتذى النِّعَال ولا ركب المطَايا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر ) ..
كما قال عبد الله بن جعفر ( كنت إذا سألت علياً شيئاً فمنعني وقلت له بحقِّ جعفر ؟! إلا أعطاني ) ..
وكان عمر بن الخطاب إذا رأى عبد الله بن جعفر قال ( السلام عليك يا ابن ذي الجناحين ) ..

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:27 PM





حبيب بن زيد
رضي الله عنه

وراح يقطع جسده قطعة قطعة .. وبضعة بضعة ..
وعضوا عضوا .. والبطل العظيم لا يزيد على
لا اله الا الله ، محمد رسول الله

مـن هــو ؟

كان حبيب بن زيد وأبوه زيد بن عاصم -رضي الله عنهما- من السبعين المباركين في بيعة العقبـة الثانيـة ، وكانت أمه نسيبة بنت كعب أولى السيدتين اللتين بايعتا الرسول
أما السيدة الثانية فهي خالته ، ولقد عاش الى جوار رسول الله بعد هجرته الى المدينة لا يتخلف عن غزوة ولا
يقعد عن واجب

مكتاب مسيلمة للرسول
ورد الرسول عليه

في آخر السنة العاشرة بعث مسيلمة بن ثمامة الى رسول الله - كتابا جاء فيه ( من مسيلمة رسول الله الى محمد رسول الله ، سلام عليك ، أما بعد فاني قد أشركت في الأمر معك ، وان لنا نصف الأرض ، ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشا قوم يعتدون )
فرد عليه الرسول بكتاب جاء فيه ( بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله الى مسيلمة الكذاب ، السلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فان الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين )

مبعوث الرسول لمسيلمة

ومضى الكذاب ينشر افكه وبهتانه ، وازداد أذاه للمسلمين ، فرأى الرسول أن يبعث له رسالة ينهاه فيها عن حماقاته ، ووقع الاختيار على حبيب بن زيد ليحمل الرسالة وفض مسيلمة كتاب رسول الله له فازداد ضلالا وغرورا ، فجمع مسيلمة قومه ليشاهدوا يوما من الأيام المشهودة وجيء بمبعوث رسول الله وأثار التعذيب واضحة عليه فقال مسيلمة لحبيب ( أتشهد أن محمدا رسول الله ؟) وقال حبيب ( نعم ، أشهد أن محمدا رسول الله )
وكست صفرة الخزي وجه مسيلمة ، وعاد يسأل ( وتشهد أني رسول الله ؟) وأجاب حبيب في سخرية ( اني لا أسمع شيئا !!)
وتلقى الكذاب لطمة قوية أمام من جمعهم ليشهدوا معجزته ، ونادى جلاده الذي أقبل ينخس جسد حبيب بسن السيف ، ثم راح يقطع جسده قطعة قطعة ، وبضعة بضعة وعضوا عضوا والبطل العظيم لا يزيد على همهمة يردد بها نشيد اسلامه ( لا اله الا الله ، محمد رسول الله )

الثأر للشهيد

وبلغ الرسول نبأ استشهاد حبيب بن زيد ، واصطبر لحكم ربه ، فهو يرى بنور الله مصير هذا الكذاب ، أما أمه نسيبة بنت كعب فأقسمت على أن تثأرن لولدها من مسيلمة ودارت الأيام وجاءت معركة اليمامة ، وخرجت نسيبة مع الجيش المقاتل ، وألقت بنفسها في خضم المعركة ، في يمناها سيف ، وفي يسراها رمح ، ولسانها يصيح ( أين عدو الله مسيلمة ؟) ولما قتل مسيلمة وأتباعه ، رأت نسيبة وجه ولدها الشهيد ضاحكا في كل راية نصر رفعت ..

يتبع



Rakan Mata 01-24-2012 03:27 PM




حذيفة بن اليمان
رضي الله عنه

كان الناس يسألون رسول الله
عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني
حذيفة بن اليمان

مـن هــو ؟
حذيفة بن اليَمان بن جابر العبسي وكنيته أبا عبد الله وكان صاحب سر رسول الله جاء حذيفة هو وأخـوه ووالدهمـا الى رسـول الله واعتنقوا الإسلام ولقد نما -رضي الله عنه- في ظل هذا الديـن ، وكانت له موهبـة في قراءة الوجوه و السرائر ، فعاش مفتوح البصر والبصيرة على مآتي الفتن ومسالك الشرور ليتقيها ، فقد جاء الى الرسول يسأله ( يا رسول الله ان لي لسانا ذربا على أهلي وأخشى أن يدخلني النار ) فقال له النبي ( فأين أنت من الاستغفار ؟؟ اني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة ) هذا هو حذيفة -رضي الله عنه-

يوم أحد

لقد كان في ايمانه -رضي الله عنه- وولائه قويا ، فها هو يرى والده يقتل خطأ يوم أحد بأيدي مسلمة ، فقد رأى السيوف تنوشه فصاح بضاربيه ( أبي ، أبي ، انه أبي !!) ولكن أمر الله قد نفذ ، وحين علم المسلمون تولاهم الحزن والوجوم ، لكنه نظر اليهم اشفاقا وقال ( يغفر الله لكم ، وهو أرحم الراحمين ) ثم انطلق بسيفه يؤدي واجبه في المعركة الدائرة وبعد انتهاء المعركة علم الرسول بذلك ، فأمر بالدية عن والد حذيفة ( حسيل بن جابر ) ولكن تصدق بها حذيفة على المسلمين ، فزداد الرسول له حبا وتقديرا

غزوة الخندق

عندما دب الفشل في صفوف المشركين وحلفائهم واختلف أمرهم وفرق الله جماعتهم ، دعا الرسول حذيفة بن اليمان ، وكان الطقس باردا والقوم يعانون من الخوف والجوع ، وقال له ( يا حذيفة ، اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون ، ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا !) فذهب ودخل في القوم ، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لاتقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء ، فقام أبوسفيان فقال ( يا معشر قريش ، لينظر امرؤ من جليسه ؟) قال حذيفة ( فأخذت بيد الرجل الذي كان الى جنبي فقلت من أنت ؟ قال فلان بن فلان ) فأمن نفسه في المعسكر ، ثم قال أبو سفيان ( يا معشر قريش ، انكم والله ما أصبحتم بدار مقام ، لقد هلك الكراع والخف ، وأخلفتنا بنوقريظة ، وبلغنا عنهم الذي نكره ، ولقينا من شدة الريح ما ترون ، ما تطمئن لنا قدر ، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فاني مرتحل) ثم نهض فوق جمله، وبدأ المسير، يقول حذيفة ( لولا عهد رسول الله الي الا تحدث شيئا حتى تأتيني ، لقتلته بسهم ) وعاد حذيفة الى الرسول الكريم حاملا له البشرى

خوفه من الشـر

كان حذيفة -رضي الله عنه- يرى أن الخير واضح في الحياة ، ولكن الشر هو المخفي ، لذا فهو يقول ( كان الناس يسألون رسول الله عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني قلت ( يا رسول الله ، انا كنا في جاهلية وشر ، فجاءنا الله بهذا الخير ، فهل بعد هذا الخير من شر ؟) قال ( نعم ) قلت ( فهل من بعد هذا الشر من خير ؟) قال ( نعم ، وفيه دخن ) قلت ( وما دخنه ؟) قال ( قوم يستنون بغير سنتي ، ويهتدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر ) قلت ( وهل بعد ذلك الخير من شر ؟) قال ( نعم ، دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم اليها قذفوه فيها )
قلت ( يا رسول الله ، فما تأمرني ان أدركني ذلك ؟) قال ( تلزم جماعة المسلمين وامامهم ) قلت ( فان لم يكن لهم جماعة ولا امام ؟) قال ( تعتزل تلك الفرق كلها ، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك )

المنافقون

كان حذيفة -رضي الله عنه- يعلم أسماء المنافقين ، أعلمه بهم رسول الله وسأله عمر ( أفي عمّالي أحدٌ من المنافقين ؟) قال ( نعم ، واحد ) قال ( مَن هو ؟) قال ( لا أذكره ) قال حذيفة ( فعزله كأنّما دُلَّ عليه )
وكان عمر إذا مات ميّت يسأل عن حذيفة ، فإن حضر الصلاة عليه صلى عليه عمر ، وإن لم يحضر حذيفة الصلاة عليه لم يحضر عمر

آخر ما سمع من الرسول

عن حذيفة قال ( أتيتُ رسول الله في مرضه الذي توفاه الله فيه ، فقلت ( يا رسول الله ، كيف أصبحت بأبي أنت وأمي ؟!) فردَّ عليّ بما شاء الله ثم قال ( يا حذيفة أدْنُ منّي ) فدنوتُ من تلقاء وجههِ ، قال ( يا حُذيفة إنّه من ختم الله به بصومِ يومٍ ، أرادَ به الله تعالى أدْخَلَهُ الله الجنة ، ومن أطعم جائعاً أراد به الله ، أدخله الله الجنة ، ومن كسا عارياً أراد به الله ، أدخله الله الجنة ) قلتُ ( يا رسول الله ، أسرّ هذا الحديث أم أعلنه ) قال ( بلْ أعلنْهُ ) فهذا آخر شيءٍ سمعته من رسول الله

أهل المدائن

خرج أهل المدائن لاستقبال الوالي الذي اختاره عمر -رضي الله عنه- لهم ، فأبصروا أمامهم رجلا يركب حماره على ظهره اكاف قديم ، وأمسك بيديه رغيفا وملحا ، وهويأكل ويمضغ ، وكاد يطير صوابهم عندما علموا أنه الوالي -حذيفة بن اليمان- المنتظر ، ففي بلاد فارس لم يعهدوا الولاة كذلك ، وحين رآهم حذيفة يحدقون به قال لهم ( اياكم ومواقف الفتن ) قالوا ( وما مواقف الفتن يا أبا عبدالله ؟) قال ( أبواب الأمراء ، يدخل أحدكم على الأمير أو الوالي ، فيصدقه بالكذب ، ويمتدحه بما ليس فيه ) فكانت هذه البداية أصدق تعبير عن شخصية الحاكم الجديد ، ومنهجه في الولاية

معركة نهاوند

في معركة نهاوند حيث احتشد الفرس في مائة ألف مقاتل وخمسين ألفا ، اختار أمير المؤمنين عمر لقيادة الجيوش المسلمة ( النعمان بن مقرن ) ثم كتب الى حذيفة أن يسير اليه على رأس جيش من الكوفة ، وأرسل عمر للمقاتلين كتابه يقول ( اذا اجتمع المسلمون ، فليكن كل أمير على جيشه ، وليكن أمير الجيوش جميعا ( النعمان بن مقرن ) ، فاذا استشهد النعمان فليأخذ الراية حذيفة ، فاذا استشهد فجرير بن عبدالله ) وهكذا استمر يختار قواد المعركة حتى سمى منهم سبعة
والتقى الجيشان ونشب قتال قوي ، وسقط القائد النعمان شهيدا ، وقبل أن تسقط الراية كان القائد الجديد حذيفة يرفعها عاليا وأوصى بألا يذاع نبأ استشهاد النعمان حتى تنجلي المعركة ، ودعا ( نعيم بن مقرن ) فجعله مكان أخيه ( النعمان ) تكريما له ، ثم هجم على الفرس صائحا ( الله أكبر صدق وعده ، الله أكبر نصر جنده ) ثم نادى المسلمين قائلا ( يا أتباع محمد ، هاهي ذي جنان الله تتهيأ لاستقبالكم ، فلا تطيلوا عليها الانتظار ) وانتهى القتال بهزيمة ساحقة للفرس
وكان فتح همدان والريّ والدينور على يده ، وشهد فتح الجزيرة ونزل نصيبين ، وتزوّج فيها

اختياره للكوفة

أنزل مناخ المدائن بالعرب المسلمين أذى بليغا ، فكتب عمر لسعد بن أبي وقاص كي يغادرها فورا بعد أن يجد مكانا ملائما للمسلمين ، فوكل أمر اختيار المكان لحذيفة بن اليمان ومعه سلمان بن زياد ، فلما بلغا أرض الكوفة وكانت حصباء جرداء مرملة ، قال حذيفة لصاحبه ( هنا المنزل ان شاء الله ) وهكذا خططت الكوفة وتحولت الى مدينة عامرة ، وشفي سقيم المسلمين وقوي ضعيفهم

فضله

قال الرسول ( ما من نبي قبلي إلا قد أعطيَ سبعة نُجباء رفقاء ، وأعطيتُ أنا أربعة عشر سبعة من قريش عليّ والحسن والحسين وحمزة وجعفر ، وأبو بكر وعمر ، وسبعة من المهاجرين عبد الله ابن مسعود ، وسلمان وأبو ذر وحذيفة وعمار والمقداد وبلال ) رضوان الله عليهم

قيل لرسول الله ( استخلفتَ ) فقال ( إنّي إنْ استخْلِفُ عليكم فعصيتم خليفتي عُذّبتُم ، ولكم ما حدّثكم به حُذيفة فصدِّقوه ، وما أقرأكم عبد الله بن مسعود فاقْرَؤُوه )

قال عمر بن الخطاب لأصحابه ( تمنّوا ) فتمنّوا ملءَ البيتِ الذي كانوا فيه مالاً وجواهر يُنفقونها في سبيل الله ، فقال عمر ( لكني أتمنى رجالاً مثل أبي عبيدة ومعاذ بن جبل وحذيفة بن اليمان ، فأستعملهم في طاعة الله عزّ وجلّ ) ثم بعث بمال إلى أبي عبيدة وقال ( انظر ما يصنع ) فقسَمَهُ ، ثم بعث بمالٍ إلى حذيفة وقال ( انظر ما يصنع ) فقَسَمه ، فقال عمر ( قد قُلتُ لكم )

من أقواله

لحذيفة بن اليمان أقوالاً بليغة كثيرة ، فقد كان واسع الذكاء والخبرة ، وكان يقول للمسلمين ( ليس خياركم الذين يتركون الدنيا للآخرة ، ولا الذين يتركون الآخرة للدنيا ، ولكن الذين يأخذون من هذه ومن هذه )

يقول حذيفة ( أنا أعلم النّاس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة ، وما بي أن يكون رسول الله اسرَّ إليَّ شيئاً لم يحدِّث به غيري ، وكان ذكر الفتنَ في مجلس أنا فيه ، فذكر ثلاثاً لا يذَرْنّ شيئاً ، فما بقي من أهل ذلك المجلس غيري )

كان -رضي الله عنه- يقول ( ان الله تعالى بعث محمدا فدعا الناس من الضلالة الى الهدى ، ومن الكفر الى الايمان ، فاستجاب له من استجاب ، فحيى بالحق من كان ميتا ، ومات بالباطل من كان حيا ، ثم ذهبت النبوة وجاءت الخلافة على منهاجها ، ثم يكون ملكا عضوضا ، فمن الناس من ينكر بقلبه ويده ولسانه ، أولئك استجابوا للحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ولسانه ، كافا يده ، فهذا ترك شعبة من الحق ، ومنهم من ينكر بقلبه ، كافا يده ولسانه ، فهذا ترك شعبتين من الحق ، ومنهم من لاينكر بقلبه ولا بيده ولا بلسانه ، فذلك ميت الأحياء )

ويتحدث عن القلوب والهدى والضلالة فيقول ( القلوب أربعة قلب أغلف ، فذلك قلب كافر وقلب مصفح ، فذلك قلب المنافق وقلب أجرد ، فيه سراج يزهر ، فذلك قلب المؤمن وقلب فيه نفاق و ايمان ، فمثل الايمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب ومثل المنافق كمثل القرحة يمدها قيح ودم ، فأيهما غلب غلب )

مقتل عثمان

كان حذيفة -رضي الله عنه- يقول ( اللهم إنّي أبرأ إليك من دم عثمان ، والله ما شهدتُ ولا قتلتُ ولا مالأتُ على قتله )

وفاته

لمّا نزل بحذيفة الموت جزع جزعاً شديداً وبكى بكاءً كثيراً ، فقيل ( ما يبكيك ؟) فقال ( ما أبكي أسفاً على الدنيا ، بل الموت أحب إليّ ، ولكنّي لا أدري على ما أقدم على رضىً أم على سخطٍ )
ودخل عليه بعض أصحابه ، فسألهم ( أجئتم معكم بأكفان ؟) قالوا ( نعم ) قال ( أرونيها ) فوجدها جديدة فارهة ، فابتسم وقال لهم ( ما هذا لي بكفن ، انما يكفيني لفافتان بيضاوان ليس معهما قميص ، فاني لن أترك في القبر الا قليلا ، حتى أبدل خيرا منهما ، أو شرا منهما ) ثم تمتم بكلمات ( مرحبا بالموت ، حبيب جاء على شوق ، لا أفلح من ندم ) وأسلم الروح الطاهرة لبارئها في أحد أيام العام الهجري السادس والثلاثين بالمدائن ، وبعد مَقْتلِ عثمان بأربعين ليلة

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:28 PM




حسان بن ثابت
رضي الله عنه
شاعر الرسول

"يا حسّان ! أجبْ عن رسول الله اللهم أيّده بروح القُدُس "

حديث شريف

مـن هــو ؟

حسّان بن ثابت بن المنـذر الأنصاري الخزرجي النجاري المدنـي
وكنيته أبو الوليد ، شاعر رسـول الله اشتهر بمدحه للغساسنة والمناذرة قبل الإسلام ، وثم بعد الإسلام منافحاً عنه وعن النبي لم يشترك بأي غزاة أو معركة لعلّة أصابته فكان يخاف القتال

العلة

كان حسّان بن ثابت شجاعاً لَسِناً ، فأصابته علّةٌ أحدثتْ به الجبن ، فكان بعد ذلك لا يقدر أن ينظر إلى قتال ولا يشهده ، لذلك لم يشهد مع رسول الله مشهداً ، ولم يعبه على ذلك لعلّته

الشعر

قال أبو عبيدة ( فُضِّلَ حسّان بن ثابت على الشعراء بثلاث كان شاعر الأنصار في الجاهلية ، وشاعر النبي في أيام النبوة ، وشاعر اليمن كلّها في الإسلام )
وكان يُقال له أبو الحُسَام لمناضلته عن رسول الله ولتقطيعه أعراض المشركين

فى مدح الرسول

متى يَبْدُ في الدّاجي إليهم جبينُه.. يَلُحْ مثلَ مصباح الدُجى الموقّد
فمن كان أو مَن قد يكون كأحمد.. نظـامُ لحـقّ أو نكالٌ لملحـد

الرسول وحسان

مرَّ عمر بن الخطاب على حسّان وهو ينشد في مسجد رسول الله فانتهره عمر ، فأقبل حسّان فقال ( كنتَ أنشد وفيه مَن هو خيرٌ منك ) فانطلق عمر حينئذٍ ، وقال حسان لأبي هريرة ( أنشدك الله هل سمعتَ رسول الله يقول ( يا حسّان ! أجبْ عن رسول الله اللهم أيّده بروح القُدُس ) قال ( اللهم نعم )

كما قال الرسول لحسان بن ثابت ( اهجهم وهاجهم وجبريلُ معك ) وقال رسول الله ( لا تسبّوا حسّاناً ، فإنه ينافحُ عن الله وعن رسوله )

يوم الأحزاب

لمّا كان يوم الأحزاب ، وردّ الله المشركين بغيظهم لم ينالوا خيراً ، قال رسول الله ( من يحمي أعراض المسلمين ؟) قال كعب بن مالك ( أنا ) وقال عبد اللـه بن رواحة ( أنا يا رسـول اللـه ) قال ( إنّك لحسنُ الشعر ) وقال حسان بن ثابت ( أنا يا رسول الله ) قال ( نعم ، اهجهم أنتَ ، وسيعينُكَ عليهم رُوح القُدُس )

وفاة الرسول

وبكى حسّان الرسول وقال

بطَيْبـةَ رسـمٌ للرسولِ ومعهـد..
منيـرٌ وقد تعفو الرسومُ وتَهْمُـدُ
ولا تمتحي الآياتُ من دارِ حُرْمَةٍ..
بها منبر الهادي الذي كان يَصْعَدُ
وواضـحُ آثارٍ وبـاقي معـالمٍ..
ورَبـعٌ له فيه مُصلّىً ومسجـدُ
بها حُجُـراتٌ كان ينزلُ وسْطَها..
من الله نـورٌ يُستضاءُ ويوقـدُ
معارفُ لم تُطمَس على العهدِ آيُها..
أتاها البِلـى فالآيُ منها تجَـدَّدُ
عرفتُ بها رسمَ الرسول وعهدَه..
وقبراً بها واراهُ في الترب مُلْحِدُ

*************************

فبورِكتَ يا قبرَ الرسولِ وبوركتَْ..
بلادٌ ثوى فيها الرشيـدُ المسـدد
وبوركَ لحـدٌ منك ضُمّـِن طيّبـاً..
عليه بنـاءٌ من صَفيـحٍ منضَّـدُ
تهيـلُ عليه التربَ أيـدٍ وأعيـنٌ..
عليـه وقـد غارت بذلك أسعُـدُ
لقد غيّبـوا حلماً وعِلْماً ورحمـةً..
عشيـة عَلَّوه الثـرى لا يُوسّـدُ
وراحوا بحـزنٍ ليس فيهم نبيّهـم..
وقد وهنَتْ منهم ظهورٌ وأعضُـد
يُبَكّونَ مـن تبكي السمواتُ يومَـه..
ومن قد بكتْه الأرضُ فالناسُ أكْمد
وهـل عَدَلَـتْ يوماً رزيةُ هالـك..
رزيـةَ يـومٍ ماتَ فيـه محمـدُ؟

*************************

فبكيِّ رسولَ الله يا عينُ عبرةً..
ولا أعرفنْك الدهرَ دمعُك يجمد
ومالك لا تبكين ذا النعمة التي..
على الناس منها سابغٌ يُتَغَمّـدُ
فجودي عليه بالدموعِ وأعولي..
لفقد الذي لا مثلُه الدهرَ يوجَـدُ
وما فقـدَ الماضون مثلَ محمد ..
ولا مثلُـه حتى القيامـة يُفْقَـدُ

وفاة حسان

توفي حسّان بن ثابت -رضي الله عنه- على الأغلب في عهد معاوية سنة ( 54 هـ )

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:30 PM




الحسن بن على بن أبى طالب
رضي الله عنه
سيد شباب الجنة

"اللهـم إني أحـبُّ حسنـاً فأحبَّـه وأحِـبَّ مَـنْ يُحبُّـه "
حديث شريف

مـن هــو ؟

الحسن بن علي بن أبي طالب ، أبو محمد ، ولدته فاطمة في المدينة سنة ( 3هـ ) ، وهو أكبـر أبنائها ، كان عاقلاً حليماً محباً للخير وكان أشبه أهل النبي بجده النبي

كرم النسب

قال معاوية وعنده عمرو بن العاص وجماعة من الأشراف ( من أكرم الناس أباً وأماً وجدّاً وجدّة وخالاً وخالةً وعمّاً وعمّةً ) .. فقام النعمان بن عجلان الزُّرَقيّ فأخذ بيد الحسن فقال ( هذا ! أبوه عليّ ، وأمّه فاطمة ، وجدّه الرسول وجدته خديجة ، وعمّه جعفر ، وعمّته أم هانىء بنت أبي طالب ، وخاله القاسم ، وخالته زينب ) .. فقال عمرو بن العاص ( أحبُّ بني هاشم دعاك إلى ما عملت ؟) .. قال ابن العجلان ( يا بن العاص أمَا علمتَ أنه من التمس رضا مخلوق بسخط الخالق حرمه الله أمنيّته ، وختم له بالشقاء في آخر عمره ، بنو هاشم أنضر قريش عوداً وأقعدها سَلَفاً ، وأفضل أحلاماً ) ..

حب الرسول له

قال الرسول والحسن على عاتقه ( اللهـم إني أحـبُّ حسنـاً فأحبَّـه ، وأحِـبَّ مَـنْ يُحبُّـه ) .. وكان الرسول يصلي ، فإذا سجد وثب الحسنُ على ظهره وعلى عنقه ، فيرفع رسول الله رفعاً رفيقاً لئلا يصرع ، قالوا ( يا رسول الله ، رأيناك صنعت بالحسن شيئاً ما رأيناك صنعته بأحد ) .. قال ( إنه ريحانتي من الدنيا ، وإن ابني هذا سيّد ، وعسى الله أن يصلح به بين فئتيـن عظيمتيـن ) ..

الهيبة والسؤدد

كان الحسن - رضي الله عنه - أشبه أهل النبي بالنبي فقد صلّى أبو بكر الصديق صلاة العصر ثم خرج يمشي ومعه عليّ بن أبي طالب ، فرأى الحسن يلعبُ مع الصبيان ، فحمله على عاتقه و قال ( بأبي شبيه بالنبيّ ، ليس شبيهاً بعليّ ) .. وعلي يضحك ..

كما قالت زينب بنت أبي رافع رأيت فاطمة بنت رسول الله أتت بابنيها إلى رسول الله في شكواه الذي توفي فيه فقالت ( يا رسول الله ! هذان ابناك فورّثْهُما ) .. فقال ( أما حسنٌ فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي ) ..

أزواجــه

كان الحسن - رضي الله عنه - قد أحصن بسبعين امرأة ، وكان الحسن قلّما تفارقه أربع حرائر ، فكان صاحب ضرائر ، فكانت عنده ابنة منظور بن سيار الفزاري وعنده امرأة من بني أسد من آل جهم ، فطلقهما ، وبعث إلى كلِّ واحدة منهما بعشرة آلاف وزقاقٍ من عسل متعة ، وقال لرسوله يسار بن أبي سعيد بن يسار وهو مولاه ( احفظ ما تقولان لك ) .. فقالت الفزارية ( بارك الله فيه وجزاه خيراً ) .. وقالت الأسدية ( متاع قليل من حبيب مفارقٍ ) .. فرجع فأخبره ، فراجع الأسدية وترك الفزارية ..

وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال عليُّ ( يا أهل الكوفة ، لا تزوّجوا الحسن بن عليّ ، فإنه مطلاق ) .. فقال رجل من همدان ( والله لنزوِّجَنَّهُ ، فما رضي أمسك ، وما كره طلّق ) ..

فضله

قال معاوية لرجل من أهل المدينة ( أخبرني عن الحسن بن علي ) .. قال ( يا أمير المؤمنين ، إذا صلى الغداة جلس في مصلاّه حتى تطلع الشمس ، ثم يساند ظهره ، فلا يبقى في مسجد رسول الله رجل له شرف إلاّ أتاه ، فيتحدثون حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين ، ثم ينهض فيأتي أمهات المؤمنين فيُسلّم عليهن ، فربما أتحفنه ، ثم ينصرف إلى منزله ، ثم يروح فيصنع مثل ذلك ) .. فقال ( ما نحن معه في شيء ) ..

كان الحسن - رضي الله عنه - ماراً في بعض حيطان المدينة ، فرأى أسود بيده رغيف ، يأكل لقمة ويطعم الكلب لقمة ، إلى أن شاطره الرغيف ، فقال له الحسـن ( ما حَمَلك على أن شاطرتـه ؟ فلم يعاينه فيه بشـيء ) .. قال ( استحت عيناي من عينيه أن أعاينـه ) .. أي استحياءً من الحسـن ، فقال له ( غلام من أنت ؟) .. قال ( غلام أبان بن عثمان ) .. فقال ( والحائط ؟) .. أي البستان ، فقال ( لأبان بن عثمان ) .. فقال له الحسن ( أقسمتُ عليك لا برحتَ حتى أعود إليك ) .. فمرّ فاشترى الغلام والحائط ، وجاء الى الغلام فقال ( يا غلام ! قد اشتريتك ؟) .. فقام قائماً فقال ( السمع والطاعة لله ولرسوله ولك يا مولاي ) .. قال ( وقد اشتريت الحائط ، وأنت حرٌ لوجه الله ، والحائط هبة مني إليك ) .. فقال الغلام ( يا مولاي قد وهبت الحائط للذي وهبتني له )

حكمته

قيل للحسن بن علي ( إن أبا ذرّ يقول الفقرُ أحبُّ إلي من الغنى ، والسقم أحبُّ إليّ من الصحة ) .. فقال ( رحِمَ الله أبا ذر ، أما أنا فأقول ( من اتكل على حسن اختيار الله له لم يتمنّ أنه في غير الحالة التي اختار الله تعالى له ، وهذا حدُّ الوقوف على الرضا بما تصرّف به القضاء ) ..

قال معاوية للحسن بن عليّ ( ما المروءة يا أبا محمد ؟) .. قال ( فقه الرجل في دينه ، وإصلاح معيشته ، وحُسْنُ مخالَقَتِهِ ) ..

دعا الحسنُ بن عليّ بنيه وبني أخيه فقال ( يا بنيّ وبني أخي ، إنكم صغارُ قومٍ يوشك أن تكونوا كبارَ آخرين ، فتعلّموا العلم ، فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه ، فليكتبهُ وليضعه في بيته ) ..

عام الجماعة

بايع أهل العراق الحسن - رضي الله عنه - بالخلافة بعد مقتل أبيه سنة ( 40هـ ) ، وأشاروا عليه بالمسير الى الشام لمحاربة معاوية بن أبي سفيان ، فزحف بمن معه ، وتقارب الجيشان في موضع يقال له ( مسكن ) بناحية الأنبار ، ولم يستشعر الحسن الثقة بمن معه ، وهاله أن يقْتتل المسلمون وتسيل دماؤهم ، فكتب إلى معاوية يشترط شروطاً للصلح ، ورضي معاوية ، فخلع الحسن نفسه من الخلافة وسلم الأمر لمعاوية في بيت المقدس سنة ( 41هـ ) وسمي هذا العام ( عام الجماعة ) لاجتماع كلمة المسلمين فيه ، وانصرف الحسن - رضي الله عنه - الى المدينة حيث أقام ..

الحسن ومعاوية

قال معاوية يوماً في مجلسه ( إذا لم يكن الهاشمـيُّ سخيّاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن الزبيـري شجاعاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن المخزومـي تائهاً لم يشبه حسبه ، وإذا لم يكن الأمـوي حليماً لم يشبه حسبه ) .. فبلغ ذلك الحسن بن علي فقال ( والله ما أراد الحق ، ولكنّه أراد أن يُغري بني هاشـم بالسخاء فيفنوا أموالهم ويحتاجون إليه ، ويُغري آل الزبيـر بالشجاعة فيفنوا بالقتل ، ويُغري بني مخـزوم بالتيه فيبغضهم الناس ، ويُغري بني أميـة بالحلم فيحبّهم الناس !!) ..

مـرضــه

قال عبد الله بن الحسين إن الحسن كان سُقِيَ ، ثم أفلتَ ، ثم سُقِيَ فأفلتَ ، ثم كانت الآخرة توفي فيها ، فلمّا حضرته الوفاة ، قال الطبيب وهو يختلف إليه ( هذا رجلٌ قد قطع السُّمُّ أمعاءه ) .. فقال الحسين ( يا أبا محمد خبّرني من سقاك ؟) .. قال ( ولِمَ يا أخي ؟ ) .. قال ( اقتله ، والله قبل أن أدفنـك ، أولا أقدرُ عليه ؟ أو يكون بأرضٍ أتكلّف الشخـوص إليه ؟) .. فقـال ( يا أخـي ، إنما هذه الدنيا ليالٍ فانية ، دَعْهُ حتى ألتقـي أنا وهو عنـد الله ) .. فأبى أن يُسمّيَهُ ، قال ( فقد سمعتُ بعضَ من يقول كان معاوية قد تلطّف لبعض خدمه أن يسقيَهُ سُمّاً ) ..


بكــاؤه

لمّا أن حَضَرَ الحسن بن علي الموتُ بكى بكاءً شديداً ، فقال له الحسين ( ما يبكيك يا أخي ؟ وإنّما تَقْدُمُ على رسول الله وعلى عليّ وفاطمة وخديجة ، وهم وُلِدوك ، وقد أجرى الله لك على لسان النبي ( أنك سيّدُ شباب أهل الجنة ) .. وقاسمت الله مالَكَ ثلاث مرات ، ومشيتَ الى بيت الله على قدميك خمس عشرة مرّةً حاجّاً ) .. وإنما أراد أن يُطيّب نفسه ، فوالله ما زاده إلا بكاءً وانتحاباً ، وقال ( يا أخي إني أقدِمُ على أمرٍ عظيم مهول ، لم أقدم على مثله قط ) ..

وفــاتــه

توفي الحسن - رضي الله عنه - في سنة ( 50هـ ) ، وقد دُفِنَ في البقيع ، وبكاه الناس سبعة أيام نساءً وصبياناً ورجالاً ، رضي الله عنه وأرضاه .. وقد وقف على قبره أخوه محمد بن عليّ وقال ( يرحمك الله أبا محمد ، فإن عزّت حياتك لقد هَدَتْ وفاتك ، ولنعم الروحُ روحٌ تضمنه بدنك ، ولنعم البدن بدن تضمنه كفنك ، وكيف لا يكون هكذا وأنت سليل الهدى ، وحليف أهل التقى ، وخامس أصحاب الكساء ، غذتك أكف الحق ، وربيت في حجر الإسلام ورضعت ثدي الإيمان ، وطبت حيّاً وميتاً ، وإن كانت أنفسنا غير طيبة بفراقك فلا نشك في الخيرة لك ، رحمك الله ) ..

يتبع

Rakan Mata 01-24-2012 03:30 PM




الحسين بن على بن أبى طالب
رضي الله عنه
سيد شباب الجنة

"حُسين مني وأنا مِنْ حُسين ، أحَبَّ الله تعالى مَنْ
أحبَّ حُسيناً ، حُسينٌ سِبْطٌ من الأسباط "
حديث شريف

مـن هــو ؟

الإبن الثاني لفاطمة الزهراء ، ولد بالمدينة ونشأ في بيت النبوة
وكنيته أبو عبد الله ..

حب الرسول له

قال الرسول ( حُسين مني وأنا مِنْ حُسين ، أحَبَّ الله تعالى مَن أحبَّ حُسيناً ، حُسينٌ سِبْطٌ من الأسباط ) .. كما قال الرسول الكريم ( اللهم إني أحبه فأحبّه ) .. وعن أبي أيوب الأنصاري قال دخلت على رسول الله والحسن والحسين يلعبان بين يديه وفي حِجْره ، فقلت ( يا رسول الله أتحبُّهُما ) .. قال ( وكيف لا أحبُّهُما وهما ريحانتاي من الدنيا أشمُّهُما ؟!) .. وقال الرسول ( من أراد أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنة ، فلينظر الى الحسين بن عليّ ) ..

كما قالت زينب بنت أبي رافع رأيت فاطمة بنت رسول الله أتت بابنيها إلى رسول الله في شكواه الذي توفي فيه فقالت ( يا رسول الله ! هذان ابناك فورّثْهُما ) .. فقال ( أما حسنٌ فإن له هيبتي وسؤددي ، وأما حسين فإن له جرأتي وجودي ) ..

فضلــه

مرَّ الحسيـن - رضي اللـه عنه - يوماً بمساكين يأكلون في الصّفّة ، فقالوا ( الغـداء ) .. فنزل وقال ( إن اللـه لا يحب المتكبريـن ) .. فتغدى ثم قال لهم ( قد أجبتكم فأجيبوني ) .. قالوا ( نعم ) .. فمضى بهم الى منزله فقال لرّباب ( أخرجي ما كنت تدخرين ) ..

الحسن والحسين

جرى بين الحسـن بن علي وأخيه الحسيـن كلام حتى تهاجرا ، فلمّا أتى على الحسـن ثلاثة أيام ، تأثم من هجر أخيه ، فأقبل إلى الحسيـن وهو جالس ، فأكبّ على رأسه فقبله ، فلمّا جلس الحسـن قال له الحسيـن ( إن الذي منعني من ابتدائك والقيام إليك أنك أحقُّ بالفضل مني ، فكرهت أن أنازِعَكَ ما أنت أحقّ به ) ..

البيــعة

توفي معاوية نصف رجب سنة ستين ، وبايع الناس يزيد ، فكتب يزيد للوليد مع عبد الله بن عمرو بن أويس العامري ، وهو على المدينة ( أن ادعُ الناس ، فبايعهـم وابدأ بوجوه قريـش ، وليكن أول من تبدأ به الحسيـن بن عليّ ، فإن أمير المؤمنين رحمه اللـه عهد إليّ في أمره للرفق به واستصلاحه ) .. فبعث الوليد من ساعته نصف الليل الى الحسين بن علي ، وعبد الله بن الزبير ، فأخبرهما بوفاة معاوية ، ودعاهما الى البيعة ليزيد ، فقالا ( نصبح وننظر ما يصنع الناس ) ..

ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير ، وهو يقول ( هو يزيد الذي نعرف ، والله ما حدث له حزم ولا مروءة ) .. وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمـه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسـه ، فقال الوليد ( إن هجنَا بأبي عبـد الله إلا أسداً ) .. فقال له مروان أو بعض جلسائه ( اقتله ) .. قال ( إن ذلك لدم مضنون في بني عبد مناف ) ..

من المدينة الى مكة

وخرج الحسين وابن الزبير من ليلتهما الى مكة ، وأصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد ، وطُلِبَ الحسين وابن الزبير فلم يوجدا ، فقدِما مكة ، فنزل الحسين دار العباس بن عبد المطلب ، ولزم الزبير الحِجْرَ ، ولبس المغافريَّ وجعل يُحرِّض الناس على بني أمية ، وكان يغدو ويروح الى الحسين ، ويشير عليه أن يقدم العراق ويقول ( هم شيعتك وشيعة أبيك ) ..

الخروج الى العراق

بلغ ابـن عمـر - رضي اللـه عنه - أن الحسيـن بن علـيّ قد توجّه الى العـراق ، فلحقه على مسيـرة ثلاث ليال ، فقـال لـه ( أيـن تريد ؟) .. فقال ( العراق ) .. وإذا معه طوامير كتب ، فقال ( هذه كتبهم وبيعتهم ) .. فقال ( لا تأتِهم ) .. فأبى ، قال ابن عمر ( إنّي محدّثك حديثاً إن جبريل أتى النبى فخيّره بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة ولم يردِ الدنيا ، وإنكم بضعة من رسول الله والله لا يليها أحد منكم أبداً ، وما صرفها الله عنكم إلاّ للذي هو خير ) .. فأبى أن يرجع ، فاعتنقه ابن عمر وبكى وقال ( استودِعُكَ الله من قتيل ) ..

وقال ابن عباس - رضي الله عنه - للحسين ( أين تريد يا بن فاطمة ؟) .. قال ( العراق و شيعتي ) .. فقال ( إنّي لكارهٌ لوجهك هذا ، تخرج الى قوم قتلوا أباك ، وطعنوا أخاك حتى تركهم سَخْطةً ومَلّة لهم ، أذكرك الله أن لا تغرّر بنفسك ) ..

وقال أبو سعيد الخدري ( غلبني الحسين بن عليّ على الخروج ، وقد قُلت له اتّق الله في نفسك ، والزم بيتك ، فلا تخرج على إمامك ) ..

وكتبـت له عمـرة بنت عبـد الرحمن تعظـم عليه ما يريد أن يصنع ، وتأمره بالطاعـة ولزوم الجماعة ، وتخبره إنه إنما يُساق إلى مصـرعه وتقول ( أشهد لحدّثتني عائشة أنها سمعت رسـول اللـه يقول ( يُقتل حسينٌ بأرض بابل ) .. فلمّا قرأ كتابها قال ( فلابدّ لي إذاً من مصرعي ) .. ومضى ..

مقتـــله

وبلغ يزيد خروج الحسين - رضي الله عنه - ، فكتب الى عبيد الله بن زياد عامله على العراق يأمره بمحاربته وحمله إليه ، إن ظفر به ، فوجّه عُبيد الله الجيش مع عمر بن سعيد بن أبي وقاص ، وعدل الحسين الى ( كربلاء )، فلقيه عمر بن سعيد هناك ، فاقتتلوا ، فقُتِلَ الحسين رضوان الله عليه ورحمته وبركاته في يوم عاشوراء ، العاشر من محرم سنة إحدى وستين ..

الــرؤى

استيقظ ابن عباس من نومه ، فاسترجع وقال ( قُتِلَ الحسين والله ) .. فقال له أصحابه ( كلا يا ابن عباس ، كلا ) .. قال ( رأيت رسول اللـه ومعه زجاجة من دم فقال ( ألا تعلم ما صنعت أمتي من بعـدي ؟ قتلوا ابني الحسيـن ، وهذا دمه ودم أصحابه ، أرفعها الى اللـه عزّ وجلّ ) .. فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه ، وتلك الساعة ، فما لبثوا إلاّ أربعة وعشرين يوماً حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنه قُتِل ذلك اليوم وتلك الساعة !! ..

الدفـــن

وقد نقل رأسه ونساؤه وأطفاله إلى ( يزيد ) بدمشق ، واختُلفَ في الموضع الذي دُفِنَ فيه الرأس ، فقيل في دمشق ، وقيل في كربلاء مع الجثة ، وقيل في مكان آخر .. والله اعلم

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:31 PM




حمزة بن عبد المطلب

رضي الله عنه

أسد الله .. وسيد الشهداء

" سيد الشهداء عند الله حمزة بن عبد المطلب "
حديث شريف
مـن هــو ؟

حمزة بن عبد المطلب ( أبو عمارة ) ، عم النبي
وأخوه من الرضاعة فهما من جيل واحد نشأ معا ، ولعبا معا ، وتآخيا معا كان يتمتع بقوة الجسم ، وبرجاحة العقل ، وقوة الارادة ، فأخذ يفسح لنفسه بين زعماء مكة وسادات قريش ، وعندما بدأت الدعوة لدين الله كان يبهره ثبات ابن أخيه ، وتفانيه في سبيل ايمانه ودعوته ، فطوى صدره على أمر ظهر في اليوم الموعود يوم اسلامه ..

اسلام حمزة

كان حمزة -رضي الله عنه- عائدا من القنص متوشحا قوسه ، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج اليه وكان اذا عاد لم يمر على ناد من قريش الا وقف وسلم وتحدث معه ، فلما مر بالمولاة قالت له ( يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام ، وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه ، وبلغ منه مايكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، معدا لأبي جهل اذا لقيه أن يوقع به ، فلما وصل الى الكعبة وجده جالسا بين القوم ، فأقبل نحوه وضربه بالقوس فشج رأسه ثم قال له ( أتشتم محمدا وأنا على دينه أقول ما يقول ؟ فرد ذلك علي ان استطعت )
وتم حمزة -رضي الله عنه- على اسلامه وعلى ما تابع عليه رسول الله فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله قد عز وامتنع ، وان حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه ، وذلك في السنة السادسة من النبوة .

حمزة والاسلام

ومنذ أسلم حمزة -رضي الله عنه- نذر كل عافيته وبأسه وحياته لله ولدينه حتى خلع النبي عليه هذا اللقب العظيم ( أسد الله وأسد رسوله ) وآخى الرسول بين حمزة وبين زيد بن حارثة ، وأول سرية خرج فيها المسلمون للقاء العدو كان أميرها حمزة -رضي اللـه عنه- وأول راية عقدها الرسـول لأحد من المسلمين كانت لحمزة ويوم بدر كان أسد اللـه هناك يصنع البطولات ، فقد كان يقاتل بسيفين ، حتى أصبح هدفا للمشركين في غزوة أحد يلي الرسول في الأهمية

استشهاد حمزة

( اخرج مع الناس ، وان أنت قتلت حمزة فأنت عتيق )
هكذا وعدت قريش عبدها الحبشي ( وحشي غلام جبير بن مطعم ) ، لتظفر برأس حمزة مهما كان الثمن ، الحرية والمال والذهب الوفير ، فسال لعاب الوحشي ، وأصبحت المعركة كلها حمزة -رضي الله عنه- ، وجاءت غزوة أحد ، والتقى الجيشان ، وراح حمزة -رضي الله عنه- لايريد رأسا الا قطعه بسيفه ، وأخذ يضرب اليمين والشمال و ( الوحشي ) يراقبه ، يقول الوحشي ( وهززت حربتي حتى اذا رضيت منها دفعتها عليه ، فوقعت في ثنته ( ما بين أسفل البطن الى العانة ) حتى خرجت من بين رجليه ، فأقبل نحوي فغلب فوقع ، فأمهلته حتى اذا مات جئت فأخذت حربتي ، ثم تنحيت الى العسكر ، ولم تكن لي بشيء حاجة غيره ، وانما قتلته لأعتق )
وقد أسلم ( الوحشي ) لاحقا فهو يقول ( خرجت حتى قدمت على رسول الله المدينة ، فلم يرعه الا بي قائما على رأسه أتشهد بشهـادة الحـق ، فلما رآني قال ( وحشي ) قلت ( نعم يا رسـول اللـه ) قال ( اقعد فحدثني كيف قتلت حمزة ؟) فلما فرغت من حديثي قال ( ويحك غيب عني وجهك فلا أرينك !) فكنت أتنكب عن رسول الله حيث كان

واستشهاد سيد الشهداء -رضي الله عنه- لم يرض الكافرين وانما وقعت هند بنت عتبة والنسوة اللاتي معها ، يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله يجدعن الآذان والآنف ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وآنفهم خدما ( خلخال ) وقلائد ، وأعطت خدمها وقلائدها وقرطتها وحشيا وبقرت عن كبد حمزة ، فلاكتها فلم تستطع أن تسيغها ، فلفظتها

حزن الرسول على حمزة

وخرج الرسول يلتمس حمزة بن عبد المطلب ، فوجده ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به ، فجدع أنفه وأذناه ، فقال الرسول حين رأى ما رأى ( لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير ، ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلا منهم !) فلما رأى المسلمون حزن رسول الله وغيظه على من فعل بعمه ما فعل قالوا ( والله لئن أظفرنا الله بهم يوما من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب )

فنزل قوله تعالى ( وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ، واصبر وما صبرك الا بالله ، ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون )

فعفا رسول الله ونهى عن المثلة ، وأمر بحمزة فسجي ببردة ، ثم صلى عليه فكبر سبع تكبيرات ، ثم أتى بالقتلى فيوضعون الى حمزة ، فصلى عليهم وعليه معهم

البكاء على حمزة

مرّ الرسول بدار من دور الأنصار من بني عبد الأشهل وظَفَر ، فسمع البكاء والنوائح على قتلاهم ، فذرفت عينا رسول الله فبكى ، ثم قال ( ولكن حمزة لا بواكي له ) فلما رجع سعد بن معاذ وأسيد بن حضير إلى دار بني عبد الأشهل ، أمرا نساءهم أن يتحزمن ثم يذهبن فيبكين على عم رسول الله ولمّا سمع رسول الله بكاءهن على حمزة خرج عليهن وهن على باب مسجده يبكين عليه ، فقال ( ارجعن يرحمكن الله ، فقد آسيتنّ بأنفسكم )

فضل حمزة

قال رسول الله ( سيد الشهداء عند الله حمزة بن عبد المطلب ) كما قال لعلي بن أبي طالب ( يا عليّ أمَا علمتَ أنّ حمزة أخي من الرضاعة ، وأنّ الله حرّم من الرضاع ما حرّم من النّسب )

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:31 PM




خالد بن سعيد

رضي الله عنه

" لن أدع الإسلام لشيء ، وسأحيا به وأموت عليه "
خالد بن سعيد

مـن هــو ؟

هو خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، والده زعيم في قريش ، كان شابا هادىء السمت ، ذكي الصمت ، منذ بدأ أخبار الدين الجديد كان النور يسري إلى قلبه ، وكتم ما في نفسه خوفا من والده الذي لن يتوانى لحظة عن
تقديمه قربانا لآلهة عبد مناف

اسلامه

ذات ليلة رأى خالد بن سعيد في منامه أنه واقف على شفير نار عظيمة ، وأبوه من ورائه يدفعه نحوها بكلتا يديه ، ويريد أن يطرحه فيها ، ثم رأى رسول الله يقبل عليه ، ويجذبه بيمينه المباركة من إزاره فيأخذه بعيدا عن النار واللهب ويصحو من نومه فيسارع إلى دار أبي بكر ويقص عليه رؤياه ، فيقول أبو بكر له ( إنه الخير أريد لك ، وهذا رسول الله فاتبعه ، فإن الإسلام حاجزك عن النار )
وينطلق خالد إلى رسول الله فيسأله عن دعوته ، فيجيب الرسول الكريم ( تؤمن بالله وحده لا تشرك به شيئا ، وتؤمن بمحمد عبده ورسوله ، وتخلع عبادة الأوثان التي لا تسمع ولا تبصر ولاتضر ولا تنفع ) ويبسط خالد يمينه فتتلقاها يمين رسول الله في حفاوة ويقول خالد ( إني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله ) وهكذا أصبح من الخمسة الأوائل في الإسلام

والده والعذاب

وحين علم والده (سعيد) بإسلامه دعاه وقال له ( أصحيح إنك اتبعت محمدا وأنت تسمعه يعيب آلهتنا ؟) قال خالد ( إنه والله لصادق ، ولقد آمنت به واتبعته ) هنالك انهال عليه أبوه ضربا ، ثم زج به في غرفة مظلمة من داره ، حيث صار حبيسها ، ثم راح يضنيه ويرهقه جوعا وظمأ ، وخالد يصرخ من وراء الباب ( والله إنه لصادق ، وإني به لمؤمن )
وأخرجه والده الى رمضاء مكة ، ود سه بين حجارتها الملتهبة ثلاثة أيام لا يواريه فيها ظل ، ولا يبلل شفتيه قطرة ماء ، ثم يئس والده فأعاده الى داره وراح يغريه ويرهبه وخالد صامد يقول لأبيه ( لن أدع الإسلام لشيء ، وسأحيا به وأموت عليه ) وصاح سعيد ( إذن فاذهب عني يا لُكَع ، فواللات لأمنعنك القوت ) فأجاب خالد ( والله خير الرازقين ) وغادر خالد الدار ، وراح يقهر العذاب بالتضحية ، ويتفوق على الحرمان بالإيمان

جهاده مع الرسول

كان خالد بن سعيد من المهاجرين الى الحبشة في الهجرة الثانية ، وعاد مع إخوانه الى المدينة سنة سبع فوجدوا المسلمين قد انتهوا للتو من فتح خيبر ، وأقام -رضي الله عنه- في المدينة لايتأخر عن أي غزوة للرسول ويحضر جميع المشاهد ، وقد جعله الرسول قبل وفاته واليا على اليمن

خلافة أبو بكر

لما وصل نبأ وفاة الرسول لخالد في اليمن عاد من فوره الى المدينة ، وعلى الرغم من معرفته لفضل أبي بكر إلا أنه كان من الجماعة التي ترى أحقية بني هاشم في الخلافة ووقف الى جانب علي بن أبي طالب ولم يبايع أبا بكر ، ولم يكرهه أبوبكر على ذلك ، وإنما بقي على حبه وتقديره له ، حتى جاء اليوم الذي غير فيه خالد رأيه فشق الصفوف في المسجد وأبو بكر على المنبر ، فبايعه بيعة صادقة

عزله عن الامارة

يُسير أبو بكر الجيوش للشام ، ويعقد ل( خالد بن سعيد ) لواء ، فيصير أحد أمراء الجيوش ، إلا أن عمر بن الخطاب يعترض على ذلك ويلح على الخليفة حتى يغير ذلك ، ويبلغ النبأ خالدا فيقول ( والله ما سرتنا ولايتكم ، ولا ساءنا عزلكم ) ويخف الصديق -رضي الله عنه- الى دار خالد معتذرا له مفسرا له هذا التغيير ، ويخيره مع من يكون من القادة مع عمرو بن العاص ابن عمه أو مع شرحبيل بن حسنة ، فيجيب خالد ( ابن عمي أحب الي في قرابته ، وشرحبيل أحب الي في دينه )
ثم يختار كتيبة شرحبيل ، ودعا أبو بكر -رضي الله عنه- شرحبيل وقال له ( انظر خالد بن سعيد ، فاعرف له من الحق عليك ، مثل ما كنت تحب أن يعرف من الحق لك ، لو كنت مكانه ، وكان مكانك انك لتعرف مكانته في الإسلام ، وتعلم أن رسول الله توفى وهو له وال ، ولقد كنت ولّيته ثم رأيت غير ذلك ، وعسى أن يكون ذلك خيرا له في دينه ، فما أغبط أحدا بالإمارة وقد خيرته في أمراء الأجناد فاختارك على ابن عمه ، فاذا نزل بك أمر تحتاج فيه الى رأي التقي الناصح ، فليكن أول من تبدأ به أبوعبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل ولْيَكُ خالد بن سعيد ثالثا ، فإنك واجد عندهم نصحا وخيرا ، وإياك واستبداد الرأي دونهم ، أو إخفاءه عنهم )

استشهاده

وفي معركة ( مرج الصُفَر ) حيث المعارك تدور بين المسلمين والروم ، كان خالد بن سعيد في مقدمة الذين وقع أجرهم على الله ، شهيد جليل ، ورآه المسلمون مع الشهداء فقالوا ( اللهم ارض عن خالد بن سعيد )

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:32 PM


خباب بن الأرت
رضي الله عنه

مـن هــو ؟

خبّاب بن الأرت بن جندلة التَّميمي وكنيته أبو يحيى وقيل أبو عبد الله صحابي من السابقين إلى الإسلام ، فأسلم سادس ستة ، وهو أول من أظهر إسلامه ، وكان قد سُبيَ في الجاهليـة ، فبيع في مكة ثم حالف بني زُهرة ، وأسلم وكان من المستضعفين
اسلامه
لقد كان خباب سيافا ، يصنع السيوف ويبيعها لقريش ، وفي يوم اسلامه جاء الى عمله ، وكان هناك نفر ينتظرون فسألوه ( هل أتممت صنع السيوف يا خباب ؟) فقال وهو يناجي نفسه ( ان أمره لعجب ) فسألوه ( أي أمر ؟) فيقول ( هل رأيتموه ؟ وهل سمعتم كلامه ؟) وحينها صرح بما في نفسه ( أجل رأيته وسمعته ، رأيت الحق يتفجر من جوانبه ، والنور يتلألأ بين ثناياه ) وفهم القرشيون فصاح أحدهم ( من هذا الذي تتحدث عنه يا عبد أم أنمار ؟) فأجاب ( ومن سواه يا أخا العرب ، من سواه في قومك يتفجر من جوانبه الحق ، ويخرج النور من بين ثناياه ؟) فهب آخر مذعورا قائلا ( أراك تعني محمدا ) وهز خباب رأسه قائلا ( نعم انه هو رسول الله الينا ليخرجنا من الظلمات الى النور ) كلمات أفاق بعدها خباب من غيبوبته وجسمه وعظامه تعاني رضوضا وآلاما ودمه ينزف من جسده فكانت هذه هي البداية لعذاب وآلام جديدة قادمة
الاضطهاد والصبر
وفي استبسال عظيم حمل خباب تبعاته كرائد ، فقد صبر ولم يلن بأيدي الكفار على الرغم من أنهم كانوا يذيقونه أشد ألوان العذاب ، فقد حولوا الحديد الذي بمنزله الى سلاسل وقيود يحمونها بالنار ويلفون جسده بها ، ولكنه صبر واحتسب ، فها هو يحدث ( شكونا الى رسول الله وهو متوسد ببرد له في ظل الكعبة ، فقلنا يا رسول الله ألا تستنصر لنا ؟؟ فجلس وقد احمر وجهه وقال ( قد كان من قبلكم يؤخذ منهم الرجل فيحفر له في الأرض ، ثم يجاء بالمنشار فيجعل فوق رأسه ، ما يصرفه ذلك عن دينه ! وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخشى إلا الله عز وجل ، والذئب على غنمه ، ولكنكم تعجلون ) وبعد أن سمع خباب ورفاقه هذه الكلمات ، ازدادوا إيمانا وإصرارا على الصبر والتضحية
ام انمار
واستنجد الكفار بأم أنمار ، السيدة التي كان خباب -رضي الله عنه- عبدا لها قبل أن تعتقه ، فأقبلت تأخذ الحديد المحمى وتضعه فوق رأسه ونافوخه ، وخباب يتلوى من الألم ، ولكنه يكظم أنفاسه حتى لايرضي غرور جلاديه ، ومر به الرسول والحديد المحمى فوق رأسه ، فطار قلبه رحمة وأسى ، ولكن ماذا يملك أن يفعل له غير أن يثبته ويدعو له وبعد أيام قليلة نزل بأم أنمار قصاص عاجل ، اذ أنها أصيبت بسعار عصيب وغريب جعلها -كما يقولون- تعوي مثل الكلاب ، وكان علاجها أن يكوى رأسها بالنار !!
خدمة الدين
لم يكتف -رضي الله عنه- في الأيام الأولى بالعبادة والصلاة ، بل كان يقصد بيوت المسلمين الذين يكتمون إسلامهم خوفا من المشركين ، فيقرأ معهم القرآن ويعلمهم إياه ، فقد نبغ الخباب بدراسة القرآن أية أية ، حتى اعتبره الكثيرون ومنهم عبدالله بن مسعود مرجعا للقرآن حفظا ودراسة ، وهو الذي كان يعلم القرآن لفاطمة بنت الخطاب وزوجها سعيد بن زيد عندما فاجأهم عمر بن الخطاب متقلدا سيفه الذي خرج به ليصفي حسابه مع الإسلام ورسوله لكنه لم يكد يتلو القرآن المسطور في الصحيفة حتى صاح صيحته المباركة ( دلوني على محمد )

وسمع خباب كلمات عمر ، فخرج من مخبئه وصاح ( يا عمر والله إني لأرجو أن يكون الله قد خصك بدعوة نبيه فإني سمعته بالأمس يقول ( اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك ، أبي الحكم بن هشام ، وعمر بن الخطاب ) فسأله عمر من فوره ( وأين أجد الرسول الآن يا خباب ؟) وأجاب خباب ( عند الصفا في دار الأرقم بن أبي الأرقم ) فمضى عمر الى مصيره العظيم
الدين
كان خباب رجلاً قَيْناً ، وكان له على العاص بن وائل دَيْنٌ ، فأتاه يتقاضاه ، فقال العاص ( لن أقضيَكَ حتى تكفر بمحمد ) فقال خباب ( لن أكفر به حتى تموتَ ثم تُبْعَثَ ) قال العاص ( إني لمبعوث من بعد الموت ؟! فسوف أقضيكَ إذا رجعتُ إلى مالٍ وولدٍ ؟!)

فنزل فيه قوله تعالى ( أفَرَأيْتَ الذَي كَفَرَ بِآياتنا وقال لأوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً ، أَطَّلَعَ الغَيْبَ أمِ اتَّخَذَ عند الرحمنِ عَهْداً ، كلاّ سَنَكتُبُ ما يقول ونَمُدُّ له من العذاب مَدّا ، َنَرِثُهُ ما يقولُ ويَأتينا فرداً )
سورة مريم (آية 77 إلى آية 80 )
جهاده
شهد خباب بن الأرت جميع الغزوات مع الرسول وعاش عمره حفيظاً على إيمانه يقول خباب ( لقد رأيتني مع رسول الله ما أملك ديناراً ولا درهماً ، وإنّ في ناحية بيتي في تابوتي لأربعين ألف وافٍ ، ولقد خشيت الله أن تكون قد عُجّلتْ لنا طيّباتنا في حياتنا الدنيا )
فى عهد الخلافة
عندما فاض بيت مال المسلمين بالمال أيام عمر وعثمان -رضي الله عنهما- ، كان لخباب راتب كبير بوصفه من المهاجرين السابقين إلى الإسلام ، فبنى داراً بالكوفة ، وكان يضع ماله في مكان من البيت يعلمه أصحابه ورواده ، وكل من احتاج يذهب ويأخذ منه
وفاته
قال له بعض عواده وهو في مرض الموت ( ابشر يا أبا عبدالله ، فإنك ملاق إخوانك غدا ) فأجابهم وهو يبكي ( أما إنه ليس بي جزع ، ولكنكم ذكرتموني أقواماً ، وإخواناً مضوا بأجورهم كلها لم ينالوا من الدنيا شيئا ، وإنا بقينا بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما لم نجد له موضعاً إلا التراب ) وأشار الى داره المتواضعة التي بناها ، ثم أشار الى المكان الذي فيه أمواله وقال ( والله ما شددت عليها من خيط ، ولا منعتها عن سائل ) ثم التفت الى كفنه الذي كان قد أعد له ، وكان يراه ترفا وإسرافا وقال ودموعه تسيل ( انظروا هذا كفني ، لكن حمزة عم رسول الله لم يوجد له كفن يوم استشهد إلا بردة ملحاء ، إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه ، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه )

ومات -رضي اللـه عنه-في السنة السابعة والثلاثين للهجرة مات واحد ممن كان الرسـول يكرمهم ويفرش لهم رداءه ويقول ( أهلاً بمن أوصاني بهم ربي ) وهو أول من دُفِنَ بظهر الكوفة من الصحابة

قال زيد بن وهب ( سِرْنا مع علي حين رجع من صفّين ، حتى إذا كان عند باب الكوفة إذْ نحن بقبور سبعة عن أيماننا ، فقال ( ما هذه القبور ؟) فقالوا ( يا أمير المؤمنين إنّ خباب بن الأرت توفي بعد مخرجك إلى صفين ، فأوصى أن يدفن في ظاهر الكوفة ، وكان الناس إنّما يدفنون موتاهم في أفنيتهم ، وعلى أبواب دورهم ، فلمّا رأوا خباباً أوصى أن يدفن بالظهر ، دفن الناس ) فقال علي بن أبي طالب ( رحم الله خباباً أسلم راغباً وهاجر طائعاً ، وعاش مجاهداً ، وابتلي في جسمه ، ولن يضيعَ الله أجرَ مَنْ أحسنَ عملاً ) ثم دنا من قبورهم فقال ( السلام عليكم يا أهل الدّيار من المؤمنين والمسلمين ، أنتم لنا سلفٌ فارطٌ ، ونحن لكم تبعٌ عما قليل لاحِقٌ ، اللهم اغفر لنا ولهم وتجاوز بعفوك عنا وعنهم ، طوبى لمن ذكرَ المعاد وعمل للحساب وقنعَ بالكفاف ، وأرضى الله عزَّ وجلَّ )

يتبع

Rakan Mata 01-24-2012 03:33 PM






خالد بن الوليد
رضي الله عنه
" حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم "
حديث شريف
الراوي: أنس بن مالك المحدث: البخاري -
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4262
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

من هو ؟

هو " أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة "، ينتهي نسبه إلى " مرة بن كعب بن لؤي" الجد السابع للنبي و"أبي بكر الصديق" رضي الله عنه.
وأمه هي " لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية "، وقد ذكر "ابن عساكر" - في تاريخه - أنه كان قريبًا من سن "عمر بن الخطاب".

أسرة عريقة ومجد تليد

وينتمي خالد إلى قبيلة "بني مخزوم" أحد بطون "قريش" التي كانت إليها "القبة" و"الأعنة"، وكان لها شرف عظيم ومكانة كبيرة في الجاهلية، وكانت على قدر كبير من الجاه والثراء، وكانت بينهم وبين قريش مصاهرة متبادلة.

وكان منهم الكثير من السابقين للإسلام؛ منهم: "أبو سلمة بن عبد الأسد"، وكان في طليعة المهاجرين إلى الحبشة، و"الأرقم بن أبي الأرقم" الذي كانت داره أول مسجد للإسلام، وأول مدرسة للدعوة الإسلامية.

وكانت أسرة "خالد" ذات منزلة متميزة في بني مخزوم؛ فعمه "أبو أمية بن المغيرة" كان معروفًا بالحكمة والفضل، وكان مشهورًا بالجود والكرم، وهو الذي أشار على قبائل قريش بتحكيم أول من يدخل عليهم حينما اختلفوا على وضع الحجر الأسود وكادوا يقتتلون، وقد مات قبل الإسلام.

وعمه "هشام بن المغيرة" كان من سادات قريش وأشرافها، وهو الذي قاد بني مخزوم في "حرب الفجار".

وكان لخالد إخوة كثيرون بلغ عددهم ستة من الذكور هم: "العاص" و"أبو قيس" و"عبد شمس" و"عمارة" و"هشام" و"الوليد"، اثنتين من الإناث هما: "فاطمة" و"فاضنة".

أما أبوه فهو "عبد شمس الوليد بن المغيرة المخزومي"، وكان ذا جاه عريض وشرف رفيع في "قريش"، وكان معروفًا بالحكمة والعقل؛ فكان أحدَ حكام "قريش" في الجاهلية، وكان ثَريًّا صاحب ضياع وبساتين لا ينقطع ثمرها طوال العام.

فارس عصره

وفي هذا الجو المترف المحفوف بالنعيم نشأ "خالد بن الوليد"، وتعلم الفروسية كغيره من أبناء الأشراف، ولكنه أبدى نبوغًا ومهارة في الفروسية منذ وقت مبكر، وتميز على جميع أقرانه، كما عُرف بالشجاعة والجَلَد والإقدام، والمهارة وخفة الحركة في الكرّ والفرّ.

واستطاع "خالد" أن يثبت وجوده في ميادين القتال، وأظهر من فنون الفروسية والبراعة في القتال ما جعله فارس عصره بلا منازع.

معاداته للاسلام والمسلمين

وكان "خالد" - كغيره من أبناء "قريش"- معاديًا للإسلام ناقمًا على النبي والمسلمين الذين آمنوا به وناصروه، بل كان شديد العداوة لهم شديد التحامل عليهم، ومن ثَم فقد كان حريصًا على محاربة الإسلام والمسلمين، وكان في طليعة المحاربين لهم في كل المعارك التي خاضها الكفار والمشركون ضد المسلمين.

وكان له دور بارز في إحراز النصر للمشركين على المسلمين في غزوة "أحد"، حينما وجد غِرَّة من المسلمين بعد أن خالف الرماة أوامر النبي ، وتركوا مواقعهم في أعلى الجبل، ونزلوا ليشاركوا إخوانهم جمع غنائم وأسلاب المشركين المنهزمين، فدار "خالد" بفلول المشركين وباغَتَ المسلمين من خلفهم، فسادت الفوضى والاضطراب في صفوفهم، واستطاع أن يحقق النصر للمشركين بعد أن كانت هزيمتهم محققة.

كذلك فإن "خالدا" كان أحد صناديد قريش يوم الخندق الذين كانوا يتناوبون الطواف حول الخندق علهم يجدون ثغرة منه؛ فيأخذوا المسلمين على غرة، ولما فشلت الأحزاب في اقتحام الخندق، وولوا منهزمين، كان "خالد بن الوليد" أحد الذين يحمون ظهورهم حتى لا يباغتهم المسلمون.

وفي "الحديبية" خرج "خالد" على رأس مائتي فارس دفعت بهم قريش لملاقاة النبي () وأصحابه، ومنعهم من دخول مكة، وقد أسفر الأمر عن عقد معاهدة بين المسلمين والمشركين عرفت باسم "صلح الحديبية".

وقد تجلت كراهية "خالد" للإسلام والمسلمين حينما أراد المسلمون دخول مكة في عمرة القضاء؛ فلم يطِق خالد أن يراهم يدخلون مكة -رغم ما بينهم من صلح ومعاهدة- وقرر الخروج من مكة حتى لا يبصر أحدًا منهم فيها.

اسلامه

أسلم خالد في (صفر 8 ه= يونيو 629م)؛ أي قبل فتح مكة بستة أشهر فقط، وقبل غزوة مؤتة بنحو شهرين.

ويروى في سبب إسلامه: أن النبي قال للوليد بن الوليد أخيه، وهو في عمرة القضاء: " لو جاء خالد لقدّمناه، ومن مثله سقط عليه الإسلام في عقله"، فكتب "الوليد" إلى "خالد" يرغبه في الإسلام، ويخبره بما قاله رسول الله فيه، فكان ذلك سبب إسلامه وهجرته.

وقد سُرَّ النبي بإسلام خالد،
وفرح المسلمون بانضمام خالد إليهم، فقد أعزه الله بالإسلام كما أعز الإسلام به، وتحول عداء خالد للإسلام والمسلمين إلى حب وتراحم، وانقلبت موالاته للكافرين إلى عداء سافر، وكراهية متأججة، وجولات متلاحقة من الصراع والقتال.

سيف الله فى مؤتة

وكانت أولى حلقات الصراع بين خالد والمشركين -بعد التحول العظيم الذي طرأ على حياة خالد وفكره وعقيدته- في (جمادى الأولى 8ه = سبتمبر 629م) حينما أرسل النبي سرية الأمراء إلى "مؤتة" للقصاص من قتلة "الحارث بن عمير" رسوله إلى صاحب بصرى.

وجعل النبي على هذا الجيش: "زيد بن حارثة" ومن بعده "جعفر بن أبي طالب"، ثم "عبد الله بن رواحة"، فلما التقى المسلمون بجموع الروم، استشهد القادة الثلاثة الذين عينهم النبي ، وأصبح المسلمون بلا قائد، وكاد عقدهم ينفرط وهم في أوج المعركة، وأصبح موقفهم حرجًا، فاختاروا "خالدًا" قائدًا عليهم.

واستطاع "خالد" بحنكته ومهارته أن يعيد الثقة إلى نفوس المسلمين بعد أن أعاد تنظيم صفوفهم، وقد أبلى "خالد" - في تلك المعركة - بلاء حسنًا، فقد اندفع إلى صفوف العدو يعمل فيهم سيفه قتلاً وجرحًا حتى تكسرت في يده تسعة أسياف.

وقد أخبر النبي أصحابه باستشهاد الأمراء الثلاثة، وأخبرهم أن "خالدًا" أخذ اللواء من بعدهم، ( أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ الراية جعفر فأصيب، ثم أخذ الراية ابن رواحة فأصيب ،... وعيناه تذرفان...، حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم ) وقال عنه : "اللهم إنه سيف من سيوفك، فأنت تنصره". فسمي خالد "سيف الله" منذ ذلك اليوم.

وبرغم قلة عدد جيش المسلمين الذي لا يزيد عن ثلاثة آلاف فارس، فإنه استطاع أن يلقي في روع الروم أن مددًا جاء للمسلمين بعد أن عمد إلى تغيير نظام الجيش بعد كل جولة، فتوقف الروم عن القتال، وتمكن خالد بذلك أن يحفظ جيش المسلمين، ويعود به إلى المدينة استعدادًا لجولات قادمة.

خالد والدفاع عن الاسلام

وحينما خرج النبي في نحو عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار؛ لفتح "مكة" في (10 من رمضان 8ه = 3 من يناير 630م)، جعله النبي على أحد جيوش المسلمين الأربعة، وأمره بالدخول من "الليط" في أسفل مكة، فكان خالد هو أول من دخل من أمراء النبي بعد أن اشتبك مع المشركين الذين تصدوا له وحاولوا منعه من دخول البيت الحرام، فقتل منهم ثلاثة عشر مشركًا، واستشهد ثلاثة من المسلمين، ودخل المسلمون مكة - بعد ذلك - دون قتال.

وبعد فتح مكة أرسل النبي خالدًا في ثلاثين فارسًا من المسلمين إلى "بطن نخلة" لهدم "العزى" أكبر أصنام "قريش" وأعظمها لديها.

ثم أرسله - بعد ذلك - في نحو ثلاثمائة وخمسين رجلاً إلى "بني جذيمة" يدعوهم إلى الإسلام، ولكن "خالدًا" - بما عُرف عنه من البأس والحماس - قتل منهم عددًا كبيرًا برغم إعلانهم الدخول في الإسلام؛ ظنًا منه أنهم إنما أعلنوا إسلامهم لدرء القتل عن أنفسهم، وقد غضب النبي لما فعله خالد وقال : "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد"، وأرسل "عليًا بن أبي طالب" لدفع دية قتلى "بني جذيمة".

وقد اعتبر كثير من المؤرخين تلك الحادثة إحدى مثالب "خالد"، وإن كانوا جميعًا يتفقون على أنه أخطأ متأولاً، وليس عن قصد أو تعمد. وليس أدل على ذلك من أنه ظل يحظى بثقة النبي ، بل إنه ولاه - بعد ذلك - إمارة عدد كبير من السرايا، وجعله على مقدمة جيش المسلمين في العديد من جولاتهم ضد الكفار والمشركين.

ففي "غزوة حنين" كان "خالد" على مقدمة خيل "بني سليم" في نحو مائة فارس، خرجوا لقتال قبيلة "هوازن" في (شوال 8ه = فبراير 630م)، وقد أبلى فيها "خالد" بلاءً حسنًا، وقاتل بشجاعة، وثبت في المعركة بعد أن فرَّ من كان معه من "بني سليم"، وظل يقاتل ببسالة وبطولة حتى أثخنته الجراح البليغة، فلما علم النبي بما أصابه سأل عن رحله ليعوده.
سيف الله على أعداء الله

ولكن هذه الجراح البليغة لم تمنع خالدًا أن يكون على رأس جيش المسلمين حينما خرج إلى "الطائف" لحرب "ثقيف" و"هوازن".

ثم بعثه النبي - بعد ذلك - إلى "بني المصطلق" سنة (9ه = 630م)، ليقف على حقيقة أمرهم، بعدما بلغه أنهم ارتدوا عن الإسلام، فأتاهم "خالد" ليلاً، وبعث عيونه إليهم، فعلم أنهم على إسلامهم، فعاد إلى النبي فأخبره بخبرهم.

وفي (رجب 9ه = أكتوبر 630م) أرسل النبي "خالدًا" في أربعمائة وعشرين فارسًا إلى "أكيدر بن عبد الملك" صاحب "دومة الجندل"، فاستطاع "خالد" أسر "أكيدر"، وغنم المسلمون مغانم كثيرة، وساقه إلى النبي فصالحه على فتح "دومة الجندل"، وأن يدفع الجزية للمسلمين، وكتب له النبي كتابًا بذلك.

وفي (جمادى الأولى 1ه = أغسطس 631م) بعث النبي "خالدًا" إلى "بني الحارث بن كعب" بنجران في نحو أربعمائة من المسلمين، ليخيرهم بين الإسلام أو القتال، فأسلم كثير منهم، وأقام "خالد" فيهم ستة أشهر يعلمهم الإسلام وكتاب الله وسنة نبيه، ثم أرسل إلى النبي يخبره بإسلامهم، فكتب إليه النبي يستقدمه مع وفد منهم.

يقاتل المرتدين ومانعى الزكاة

وبعد وفاة النبي شارك "خالد" في قتال المرتدين في عهد "أبي بكر الصديق" - رضي الله عنه - فقد ظن بعض المنافقين وضعاف الإيمان أن الفرصة قد أصبحت سانحة لهم - بعد وفاة النبي - للانقضاض على هذا الدين، فمنهم من ادعى النبوية، ومنهم من تمرد على الإسلام ومنع الزكاة، ومنهم من ارتد عن الإسلام. وقد وقع اضطراب كبير، واشتعلت الفتنة التي أحمى أوارها وزكّى نيرانها كثير من أعداء الإسلام.

وقد واجه الخليفة الأول تلك الفتنة بشجاعة وحزم، وشارك خالد بن الوليد بنصيب وافر في التصدي لهذه الفتنة والقضاء عليها، حينما وجهه أبو بكر لقتال "طليحة بن خويلد الأسدي" وكان قد تنبأ في حياة النبي حينما علم بمرضه بعد حجة الوداع، ولكن خطره تفاقم وازدادت فتنته بعد وفاة النبي والتفاف كثير من القبائل حوله، واستطاع خالد أن يلحق بطليحة وجيشه هزيمة منكرة فر "طليحة" على إثرها إلى "الشام"، ثم أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه، وكان له دور بارز في حروب الفرس، وقد استشهد في عهد عمر بن الخطاب.

وبعد فرار طليحة راح خالد يتتبع فلول المرتدين، فأعمل فيهم سيفه حتى عاد كثير منهم إلى الإسلام.

مقتل مالك بن نويرة
وزواج خالد من امرأته

ثم سار خالد ومن معه إلى مالك بن نويرة الذي منع الزكاة بعد وفاة النبي ، فلما علم مالك بقدومه أمر قومه بالتفرق حتى لا يظفر بهم خالد، ولكن خالدا تمكن من أسره في نفر من قومه، وكانت ليلة شديدة البرودة، فأمر خالد مناديًا أن أدفئوا أسراكم، وظن الحرس - وكانوا من كنانة - أنه أراد قتل الأسرى - على لغتهم - فشرعوا فيهم سيوفهم بالقتل، حتى إذا ما انتبه خالد كانوا قد فرغوا منهم.

وأراد خالد أن يكفّر عن ذلك الخطأ الذي لم يعمده فتزوج من امرأة مالك؛ مواساة لها، وتخفيفًا عن مصيبتها في فقد زوجها الفارس الشاعر.

القضاء على فتنة مسيلمة الكذاب

وخرج خالد - بعد ذلك - لقتال مسيلمة الكذاب الذي كان من أشد أولئك المتنبئين خطرًا، ومن أكثرهم أعوانًا وجندًا، ودارت معركة عنيفة بين الجانبين، انتهت بهزيمة "بني حنيفة" ومقتل "مسيلمة"، وقد استشهد في تلك الحرب عدد كبير من المسلمين بلغ أكثر من ثلاثمائة وستين من المهاجرين والأنصار، وكان أكثرهم من السابقين إلى الإسلام، وحفظه القرآن، وهو الأمر الذي دعا أبا بكر إلى التفكير في جمع القرآن الكريم؛ خوفًا عليه من الضياع بعد موت هذا العدد الكبير من الحفاظ.

فتوحات خالد فى العراق

ومع بدايات عام (12ه = 633م) بعد أن قضى أبو بكر على فتنة الردة التي كادت تمزق الأمة وتقضي على الإسلام، توجه الصديق ببصره إلى العراق يريد تأمين حدود الدولة الإسلامية، وكسر شوكة الفرس المتربصين بالإسلام.

وكان خالد في طليعة القواد الذين أرسلهم أبو بكر لتلك المهمة، واستطاع خالد أن يحقق عددًا من الانتصارات على الفرس في "الأبلة" و"المذار" و"الولجة" و"أليس"، وواصل خالد تقدمه نحو "الحيرة" ففتحها بعد أن صالحه أهلها على الجزية، واستمر خالد في تقدمه وفتوحاته حتى فتح جانبًا كبيرًا من العراق، ثم اتجه إلى "الأنبار" ليفتحها، ولكن أهلها تحصنوا بها، وكان حولها خندق عظيم يصعب اجتيازه، ولكن خالدًا لم تعجزه الحيلة، فأمر جنوده برمي الجنود المتحصنين بالسهام في عيونهم، حتى أصابوا نحو ألف عين منهم، ثم عمد إلى الإبل الضعاف والهزيلة، فنحرها وألقى بها في أضيق جانب من الخندق، حتى صنع جسرًا استطاع العبور عليه هو وفرسان المسلمين تحت وابل من السهام أطلقه رماته لحمايتهم من الأعداء المتربصين بهم من فوق أسوار الحصن العالية المنيعة.. فلما رأى قائد الفرس ما صنع خالد وجنوده، طلب الصلح، وأصبحت الأنبار في قبضة المسلمين.

يواصل فتوحاته فى العراق

واستخلف خالد "الزبرقان بن بدر" على الأنبار واتجه إلى "عين التمر" التي اجتمع بها عدد كبير من الفرس، تؤازرهم بعض قبائل العرب، فلما بلغهم مقدم "خالد" هربوا، والتجأ من بقي منهم إلى الحصن، وحاصر خالد الحصن حتى استسلم من فيه، فاستخلف "عويم بن الكاهل الأسلمي" على عين التمر، وخرج في جيشه إلى دومة الجندل ففتحهما.

وبسط خالد نفوذه على الحصيد والخنافس والمصيخ، وامتد سلطانه إلى الفراض وأرض السواد ما بين دجلة والفرات.

الطريق الى الشام

ثم رأى أبو بكر أن يتجه بفتوحاته إلى الشام، فكان خالد قائده الذي يرمي به الأعداء في أي موضع، حتى قال عنه: "والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد"، ولم يخيب خالد ظن أبي بكر فيه، فقد استطاع أن يصل إلى الشام بسرعة بعد أن سلك طريقًا مختصرًا، مجتازًا المفاوز المهلكة غير المطروقة، متخذًا "رافع بن عمير الطائي" دليلاً له، ليكون في نجدة أمراء أبي بكر في الشام: "أبي عبيدة عامر الجراح"، و"شرحبيل بن حسنة" و"عمرو بن العاص"، فيفاجئ الروم قبل أن يستعدوا له.. وما إن وصل خالد إلى الشام حتى عمد إلى تجميع جيوش المسلمين تحت راية واحدة، ليتمكنوا من مواجهة عدوهم والتصدي له.

وأعاد خالد تنظيم الجيش، فقسمه إلى كراديس، ليكثروا في عين عدوهم فيهابهم، وجعل كل واحد من قادة المسلمين على رأس عدد من الكراديس، فجعل أبا عبيدة في القلب على (18) كردسا، ومعه عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو، وجعل عمرو بن العاص في الميمنة على 10 كراديس ومعه شرحبيل بن حسنة، وجعل يزيد بن أبي سفيان في الميسرة على 10 كراديس.

والتقى المسلمون والروم في وادي اليرموك وحمل المسلمون على الروم حملة شديدة، أبلوا فيها بلاء حسنا حتى كتب لهم النصر في النهاية. وقد استشهد من المسلمين في هذه الموقعة نحو ثلاثة آلاف، فيهم كثير من أصحاب رسول الله

وتجلت حكمة خالد وقيادته الواعية حينما جاءه رسول برسالة من عمر بن الخطاب تحمل نبأ وفاة أبي بكر الصديق وتخبره بعزله عن إمارة الجيش وتولية أبي عبيدة بدلا منه، وكانت المعركة لا تزال على أشدها بين المسلمين والروم، فكتم خالد النبأ حتى تم النصر للمسلمين، فسلم الرسالة لأبي عبيدة ونزل له عن قيادة الجيش.

خالد بين القيادة والجندية

ولم ينته دور خالد في الفتوحات الإسلامية بعزل عمر له وتولية أبي عبيدة أميرا للجيش، وإنما ظل خالد يقاتل في صفوف المسلمين، فارسا من فرسان الحرب وبطلا من أبطال المعارك الأفذاذ المعدودين.

وكان له دور بارز في فتح دمشق وحمص وقنسرين، ولم يفت في عضده أن يكون واحدا من جنود المسلمين، ولم يوهن في عزمه أن يصير جنديا بعد أن كان قائدا وأميرا؛ فقد كانت غايته الكبرى الجهاد في سبيل الله، ينشده من أي موقع وفي أي مكان.

وفاة الفاتح العظيم

وتوفي خالد بحمص في (18 من رمضان 21ه = 20 من أغسطس 642م). وحينما حضرته الوفاة، انسابت الدموع من عينيه حارة حزينة ضارعة، ولم تكن دموعه رهبة من الموت، فلطالما واجه الموت بحد سيفه في المعارك، يحمل روحه على سن رمحه، وإنما كان حزنه وبكاؤه لشوقه إلى الشهادة، فقد عزّ عليه - وهو الذي طالما ارتاد ساحات الوغى فترتجف منه قلوب أعدائه وتتزلزل الأرض من تحت أقدامهم - أن يموت على فراشه، وقد جاءت كلماته الأخيرة تعبر عن ذلك الحزن والأسى في تأثر شديد: " لقد حضرت كذا وكذا زحفا وما في جسدي موضع شبر إلا وفيه ضربة بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح، وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجبناء ".

وحينا يسمع عمر بوفاته يقول :
" دع نساء بني مخزوم يبكين على أبي سليمان، فإنهن لا يكذبن، فعلى مثل أبي سليمان تبكي البواكي ".

يتبع



Rakan Mata 01-24-2012 03:34 PM




خبيب بن عدى
رضي الله عنه

" صقراً توسط في الأنصار منصبه سمْحُ السّجية محضاً غير مؤْتَشَب "
حسان بن ثابت

مـن هــو ؟

خبيب بن عدي من الأوس ، تردد على الرسول منذ هاجر إليهم وآمن بالله رب العالمين ، كان عذب الروح شفاف النفس وثيق الإيمان ، عابدا ناسكا

غزوة بدر

شهد غزوة بدر ، وكان مقاتلا مقداما ، وممن صرع يوم بدر المشرك ( الحارث بن عامر بن نوفل ) وبعد إنتهاء المعركة ، عرف بنو الحارث مصرع أبيهم ، وحفظوا اسم قاتله المسلم ( خبيب بن عدي)

يوم الرجيع

في سنة ثلاث للهجرة ، قدم على الرسول بعد أحد نفر من عضل والقارة فقالوا ( يا رسول الله ، إن فينا إسلاما ، فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين ، ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام ) فبعث معهم مرثد بن أبي مرثد ، وخالد بن البكير ، وعاصم بن ثابت ، وخبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنة ، وعبدالله بن طارق ، وأمر الرسول على القوم مرثد بن أبي مرثد

فخرجوا حتى إذا أتوا على الرجيع ( وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدأة ) غدروا بهم ، فاستصرخوا عليهم هذيلا ، ووجد المسلمون أنفسهم وقد أحاط بهم المشركين ، فأخذوا سيوفهم ليقاتلوهم فقالوا لهم ( إنا والله ما نريد قتلكم ، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة ، ولكم عهد الله وميثاقه ألا نقتلكم ) فأما مرثد بن أبي مرثد وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت فقالوا ( والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا ) ثم قاتلوا القوم وقتلوا

وأما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي وعبدالله بن طارق فلانوا ورقوا فأسروا وخرجوا بهم الى مكة ليبيعوهم بها ، حتى إذا كانوا بالظهران انتزع عبدالله بن طارق يده من الأسر وأخذ سيفه وقاتلهم وقتل وفي مكة باعوا خبيب بن عدي لحجير بن أبي إهاب لعقبة بن الحارث ابن عامر ليقتله بأبيه ، وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف

صلب خبيب

وبدأ المشركين بتعذيبهما -رضي الله عنهما- وقتل نسطاس زيدا ، أما خبيب فقد حبس وعذب وهو صابر ثابت النفس ..

ثم خرجوا بخبيب إلى مكان يسمى التنعيم ، واستأذنهم ليصلي ركعتين ، فاذنوا له ، وصلى ركعتين وأحسنهما ثم قال لهم ( أما والله لولا أن تظنوا أني طولت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة ) فكان خبيب بن عدي أول من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين ثم رفعوه على خشبة وصلبوه ، فقال ( اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا !) ثم قال ( اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ، ولا تغادر منهم أحدا !) ورموه برماحهم وسيوفهم وقتل-رضي الله عنه-

وشعر الرسول بمحنة أصحابه ، وترائى له جثمان أحدهم معلقا ، فبعث المقداد بن عمرو ، والزبير بن العوام ليستطلعا الأمر ، ووصلا المكان المنشود وأنزلا جثمان خبيب ودفنوه في بقعة طاهرة لانعرف اليوم مكانها

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:35 PM




زيد بن ثابت
رضي الله عنه
جامع القرآن

" لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن زيد بن ثابت
كان من الراسخين في العلم "
ابن عباس

مـن هــو ؟

زيد بن ثابت بن الضحّاك الأنصاري من المدينة ، يوم قدم الرسول للمدينـة كان يتيمـاً ( والده توفي يوم بُعاث ) و سنه لا يتجاوز إحدى عشرة سنة ، وأسلـم مع أهلـه وباركه الرسول الكريم بالدعاء

الجهاد

صحبه أباؤه معهم الى غزوة بدر ، لكن الرسول رده لصغر سنه وجسمه ، وفي غزوة أحد ذهب مع جماعة من أترابه الى الرسول يرجون أن يضمهم للمجاهدين وأهلهم كانوا يرجون أكثر منهم ، ونظر إليهم الرسول شاكرا وكأنه يريد الإعتذار ، ولكن ( رافع بن خديج ) وهو أحدهم تقدم الى الرسول الكريم وهو يحمل حربة ويستعرض بها قائلا ( إني كما ترى ، أجيد الرمي فأذن لي ) فأذن الرسول له ، وتقدم ( سمرة بن جندب ) وقال بعض أهله للرسول ( إن سمرة يصرع رافعا ) فحياه الرسول وأذن له
وبقي ستة من الأشبال منهم زيد بن ثابت وعبدالله بن عمر ، وبذلوا جهدهم بالرجاء والدمع واستعراض العضلات ، لكن أعمارهم صغيرة ، وأجسامهم غضة ، فوعدهم الرسول بالغزوة المقبلة ، وهكذا بدأ زيد مع إخوانه دوره كمقاتل في سبيل الله بدءا من غزوة الخندق ، سنة خمس من الهجرة

وكانت مع زيد -رضي الله عنه- راية بني النجار يوم تبوك ، وكانت أولاً مع عُمارة بن حزم ، فأخذها النبي منه فدفعها لزيد بن ثابت فقال عُمارة ( يا رسول الله ! بلغكَ عنّي شيءٌ ؟) قال الرسول ( لا ، ولكن القرآن مقدَّم )

العلم

لقد كان -رضي الله عنه- مثقف متنوع المزايا ، يتابع القرآن حفظا ، ويكتب الوحي لرسوله ، ويتفوق في العلم والحكمة ، وحين بدأ الرسول في إبلاغ دعوته للعالم الخارجي ، وإرسال كتبه لملوك الأرض وقياصرتها ، أمر زيدا أن يتعلم بعض لغاتهم فتعلمها في وقت وجيز يقول زيـد ( أُتيَ بيَ النبـي مَقْدَمه المدينة ، فقيل ( هذا من بني النجار ، وقد قرأ سبع عشرة سورة ) فقرأت عليه فأعجبه ذلك ، فقال ( تعلّمْ كتاب يهـود ، فإنّي ما آمنهم على كتابي ) ففعلتُ ، فما مضى لي نصف شهـر حتى حَذِقْتُـهُ ، فكنت أكتب له إليهم ، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له )

حفظه للقرآن

منذ بدأ الدعوة وخلال إحدى وعشرين سنة تقريبا كان الوحي يتنزل ، والرسول يتلو ، وكان هناك ثلة مباركة تحفظ ما تستطيع ، والبعض الآخر ممن يجيدون الكتابة ، يحتفظون بالآيات مسطورة ، وكان منهم علي بن أبي طالب ، وأبي بن كعب ، وعبدالله بن مسعود ، وعبدالله بن عباس ، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم أجمعين وبعد أن تم النزول كان الرسول يقرؤه على المسلمين مرتبا سوره وآياته
وقد قرأ زيد على رسول الله في العام الذي توفاه الله فيه مرتين ، وإنما سميت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت لأنه كتبها لرسول الله

بداية جمع القرآن

بعد وفاة الرسول شغل المسلمون بحروب الردة ، وفي معركة اليمامة كان عدد الشهداء من حفظة القرآن كبيرا ، فما أن هدأت نار الفتنة حتى فزع عمر بن الخطاب الى الخليفة أبو بكر الصديق راغبا في أن يجمع القرآن قبل أن يدرك الموت والشهادة بقية القراء والحفاظ واستخار الخليفة ربه ، وشاور صحبه ثم دعا زيد بن ثابت وقال له ( إنك شاب عاقل لا نتهمك ) وأمره أن يبدأ جمع القرآن مستعينا بذوي الخبرة

ونهض زيد -رضي الله عنه- بالمهمة وأبلى بلاء عظيما فيها ، يقابل ويعارض ويتحرى حتى جمع القرآن مرتبا منسقا وقال زيد في عظم المسئولية ( والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه ، لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن ) كما قال ( فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال ) وأنجز المهمة على أكمل وجه وجمع القرآن في أكثر من مصحف

المرحلة الثانية فى جمع القرآن

في خلافة عثمان بن عفان كان الإسلام يستقبل كل يوم أناس جدد عليه ، مما أصبح جليا ما يمكن أن يفضي إليه تعدد المصاحف من خطر حين بدأت الألسنة تختلف على القرآن حتى بين الصحابة الأقدمين والأولين ، فقرر عثمان والصحابة وعلى رأسهم حذيفة بن اليمان ضرورة توحيد المصحف ، فقال عثمان ( مَنْ أكتب الناس ؟) قالوا ( كاتب رسول الله زيد بن ثابت ) قال ( فأي الناس أعربُ ؟) قالوا ( سعيد بن العاص ) وكان سعيد بن العاص أشبه لهجة برسول الله فقال عثمان ( فليُملِ سعيد وليكتب زيدٌ )

واستنجدوا بزيـد بن ثابت ، فجمع زيد أصحابه وأعوانه وجاءوا بالمصاحف من بيت حفصة بنت عمر -رضي الله عنها- وباشروا مهمتهم الجليلة ، وكانوا دوما يجعلون كلمة زيد هي الحجة والفيصل رحمهم الله أجمعين

فضله

تألقت شخصية زيد وتبوأ في المجتمع مكانا عاليا ، وصار موضع احترام المسلمين وتوقيرهم فقد ذهب زيد ليركب ، فأمسك ابن عباس بالركاب ، فقال له زيد ( تنح يا بن عم رسول الله ) فأجابه ابن عباس ( لا ، فهكذا نصنع بعلمائنا ) كما قال ( ثابت بن عبيد ) عن زيد بن ثابت ( ما رأيت رجلا أفكه في بيته ، ولا أوقر في مجلسه من زيد )

وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يستخلفه إذا حجّ على المدينة ، وزيد -رضي الله عنه- هو الذي تولى قسمة الغنائم يوم اليرموك ، وهو أحد أصحاب الفَتْوى الستة عمر وعلي وابن مسعود وأبيّ وأبو موسى وزيد بن ثابت ، فما كان عمر ولا عثمان يقدّمان على زيد أحداً في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة ، وقد استعمله عمر على القضاء وفرض له رزقاً

قال ابن سيرين ( غلب زيد بن ثابت الناس بخصلتين ، بالقرآن والفرائض )

وفاته

توفي -رضي الله عنه- سنة ( 45 هـ ) في عهد معاوية

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:36 PM



زيد بن حارثة

رضي الله عنه
حب رسول الله

" ما بعث رسول الله زيد بن حارثة في
جيش قط الا أمره عليهم ، ولو بقي حيا بعد الرسول لاستخلفه "
السيدة عائشة

مـن هــو ؟

هو زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن عبد العزى ، وكان طفلا حين سبي ووقع بيد حكيم بن حزام بن خويلد حين اشتراه من سوق عكاظ مع الرقيق ، فأهداه الى عمته خديجة ، فرآه الرسول عندها فاستوهبه منها فوهبته له ، فأعتقه وتبناه ، وصار يعرف في مكة كلها ( زيد بن محمد ) وذلك كله قبل الوحي

قصة التبنى

منذ أن سلب زيدا -رضي الله عنه- ووالده يبحث عنه ، حتى التقى يوما نفر من حي ( حارثة ) بزيد في مكة ، فحملهم زيد سلامه وحنانه لأمه و أبيه ، وقال لقومه ( أخبروا أبي أني هنا مع أكرم والد ) فلم يكد يعلم والده بمكانه حتى أسرع اليه ، يبحث عن ( الأمين محمد ) ولما لقيه قال له ( يا بن عبد المطلب ، يا بن سيد قومه ، أنتم أهل حرم ، تفكون العاني ، وتطعمون الأسير ، جئناك في ولدنا ، فامنن علينا وأحسن في فدائه ) فأجابهم ( ادعوا زيدا ، وخيروه ، فان اختاركم فهو لكم بغير فداء ، وان اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني فداء )

أقبل زيد رضي الله عنه- وخيره الرسول فقال زيد ( ما أنا بالذي أختار عليك أحدا ، أنت الأب و العم ) ونديت عينا رسول الله بدموع شاكرة وحانية ، ثم أمسك بيد زيد ، وخرج به الى فناء الكعبة ، حيث قريش مجتمعة ونادى ( اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه ) وكاد يطير قلب ( حارثة ) من الفرح ، فابنه حرا ، وابنا للصادق الأمين ، سليل بني هاشم

اسلام زيد

ما حمل الرسول تبعة الرسالة حتى كان زيد ثاني المسلمين ، بل قيل أولهم أحبه الرسول حبا عظيما ، حتى أسماه الصحابة ( زيد الحب ) ، وقالت السيدة عائشة -رضي الله عنها- ( ما بعث رسول الله زيد بن حارثة في جيش قط الا أمره عليهم ، ولو بقي حيا بعد الرسول لاستخلفه ) لقد كان زيد رجلا قصيرا ، أسمرا ، أفطس الأنف ، ولكن قلبه جميع ، وروحه حر فتألق في رحاب هذا الدين العظيم

زواج زيد

زوج الرسول زيدا من ابنة عمته ( زينب ) ، وقبلت زينب الزواج تحت وطأة حيائها من الرسول ولكن الحياة الزوجية أخذت تتعثر ، فانفصل زيد عن زينب ، وتزوجها الرسول واختار لزيد زوجة جديدة هي ( أم كلثوم بنت عقبة ) ، وانتشرت في المدينة تساؤلات كثيرة كيف يتزوج محمد مطلقة ابنه زيد ؟ فأجابهم القرآن ملغيا عادة التبني ومفرقا بين الأدعياء والأبناء

قال تعالى " ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم ، ولكن رسول الله ، وخاتم النبيين "
وهكذا عاد زيد الى اسمه الأول ( زيد بن حارثة )

فضله

قال الرسول ( دخلت الجنة فاستقبلتني جارية شابة ، فقلت ( لمن أنت ؟) قالت ( لزيد بن حارثة ) كما قال الرسول ( لا تلومونا على حبِّ زيدٍ ) وآخى الرسول بين زيد بن حارثة وبين حمزة بن عبد المطلب

بعث الرسول بعثاً فأمر عليهم أسامة بن زيد ، فطعن بعض الناس في إمارته فقال ( إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من قبل ، وأيمُ الله إن كان لخليقاً للإمارة ، وإن كان لمن أحب الناس إليّ ، وإن هذا لمن أحب الناس إليّ بعده )

استشهاد زيد

في جمادي الأول من العام الثامن الهجري خرج جيش الاسلام الى أرض البلقاء بالشام ، ونزل جيش الاسلام بجوار بلدة تسمى ( مؤتة) حيث سميت الغزوة باسمها ولادراك الرسول لأهمية هذه الغزوة اختار لها ثلاثة من رهبان الليل وفرسان النهار ، فقال عندما ودع الجيش ( عليكم زيد بن حارثة ، فان أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب ، فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة ) أي أصبح زيد الأمير الأول لجيش المسلمين ، حمل راية رسول الله واقتحم رماح الروم ونبالهم وسيوفهم ، ففتح باب دار السلام وجنات الخلد بجوار ربه
قال حسان بن ثابت
عين جودي بدمعك المنزور ... واذكري في الرخاء أهل القبور
واذكري مؤتة وما كان فيها ... يوم راحوا في وقعة التغوير
حين راحوا وغادروا ثم زيدا ... نعم مأوى الضريك و المأسور

بكاء الرسول

حزن النبـي على زيد حتى بكاه وانتحب ، فقال له سعـد بن عبادة ( ما هذا يا رسـول الله ؟!) قال ( شوق الحبيب إلى حبيبه )

يتبع

Rakan Mata 01-24-2012 03:36 PM





زيد بن الخطاب
رضي الله عنه

" رحم الله زيداً ، سبقني إلى الحسنين
أسلم قبلي ، واستشهد قبلي "
عمر بن الخطاب

مـن هــو ؟

زيد بن الخطاب هو الأخ الأكبر لعمر بن الخطاب ، سبقه الى الإسلام ، وسبقه الى الشهادة ، كان إيمانه بالله تعالى إيمانا قويا ، ولم يتخلف عن الرسول في مشهد ولا في غزاة

غزوة أحد

في كل مشهد كان زيد -رضي الله عنه- يبحث عن الشهادة أكثر من النصر ، ففي يوم أحد وحين حمي القتال بين المسلمين والمشركين ، سقط درعه منه ، فرآه أخوه عمر فقال له ( خذ درعي يا زيد فقاتل بها ) فأجابه زيد ( إني أريد من الشهادة ما تريده يا عمر ) وظل يقاتل بغير درع في فدائية باهرة

يوم اليمامة

لقد كان زيد بن الخطاب يتحرق شوقا للقاء ( الرّجال بن عنفوة ) وهو المسلم المرتد الذي تنبأ به الرسول يوما حين كان جالسا مع نفر من المسلمين حيث قال ( إن فيكم لرجلا ضرسه في النار أعظم من جبل أحد ) وتحققت النبوة حين ارتد ( الرّجال ) ولحق بمسيلمة الكذاب ، وكان خطره على الإسلام أكبر من مسيلمة نفسه ، لمعرفته الجيدة بالإسلام والقرآن والمسلمين

وفي يوم اليمامة دفع خالد بن الوليد بلواء الجيش الى زيد بن الخطاب ، وقاتل أتباع مسيلمة قتالا مستميتا ، ومالت المعركة في بدايتها على المسلمين ، وسقط منهم شهداء كثيرون ، ورأى زيد مشاعر الخوف عند المسلمين فعلا ربوة وصاح ( أيها الناس ، عَضُوا على أضراسكم ، واضربوا في عدوكم ، وامضوا قدما ، والله لا أتكلم حتى يهزمهم الله ، أو ألقاه سبحانه فأكلمه بحجتي ) ونزل من فوق الربوة عاضا على أضراسه ، زاما شفتيه لايحرك لسانه بهمس ، وتركز مصير المعركة لديه في مصير ( الرّجال ) وهناك راح يأتيه من يمين ومن شمال حتى أمسكه بخناقه وأطاح بسيفه رأسه المغرور ، وهذا أحدث دمارا كبيرا في نفوس أتباع مسيلمة ، وقوّى في الوقت ذاته عزائم المسلمين

استشهاده

رفع زيد بن الخطاب يديه الى السماء مبتهلا لربه شاكرا نعمته ، ثم عاد الى سيفه وصمته ، وتابع القتال والنصر بات للمسلمين ، هنالك تمنى زيد-رضي الله عنه- أن يختم حياته بالشهادة ، وتم له ما أراد فقد رزقه الله بالشهادة وبينما وقف عمر بن الخطاب يستقبل مع أبوبكر العائدين الظافرين ، دنا منه المسلمون وعزّوه بزيد ، فقال عمر ( رحم الله زيدا ، سبقني إلى الحسنين ، أسلم قبلي ، واستشهد قبلي )

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:37 PM




زيد بن الدثنة
رضي الله عنه


يوم الرجيع

في سنة ثلاث للهجرة ، قدم على الرسول بعد أحد نفر من عضل والقارة فقالوا ( يا رسول الله ، إن فينا إسلاما ، فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا في الدين ، ويقرئوننا القرآن ويعلموننا شرائع الإسلام ) فبعث معهم مرثد بن أبي مرثد ، وخالد بن البكير ، وعاصم بن ثابت ، وخبيب بن عدي ، وزيد بن الدثنة ، وعبدالله بن طارق ، وأمر الرسول على القوم مرثد بن أبي مرثد

فخرجوا حتى إذا أتوا على الرجيع ( وهو ماء لهذيل بناحية الحجاز على صدور الهدأة ) غدروا بهم ، فاستصرخوا عليهم هذيلا ، ووجد المسلمون أنفسهم وقد أحاط بهم المشركين ، فأخذوا سيوفهم ليقاتلوهم فقالوا لهم ( إنا والله ما نريد قتلكم ، ولكنا نريد أن نصيب بكم شيئا من أهل مكة ، ولكم عهد الله وميثاقه ألا نقتلكم ) فأما مرثد بن أبي مرثد وخالد بن البكير وعاصم بن ثابت فقالوا ( والله لا نقبل من مشرك عهدا ولا عقدا أبدا ) ثم قاتلوا القوم وقتلوا

وأما زيد بن الدثنة وخبيب بن عدي وعبدالله بن طارق فلانوا ورقوا فأسروا وخرجوا بهم الى مكة ليبيعوهم بها ، حتى إذا كانوا بالظهران انتزع عبدالله بن طارق يده من الأسر وأخذ سيفه وقاتلهم وقتل وفي مكة باعوا خبيب بن عدي لحجير بن أبي إهاب لعقبة بن الحارث ابن عامر ليقتله بأبيه ، وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف

استشهاده

زيد بن الدثنة ابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بأبيه أمية بن خلف ، وبعث به صفوان بن أمية مع مولى له يقال له نِسْطاس ، الى التنعيم -موضع بين مكة وسرف ،على فرسخيـن من مكة- وأخرجوه من الحرم ليقتلـوه واجتمع رهـط من قريش فيهم أبوسفيان بن حـرب ، فقال له أبو سفيان حين قـدم ليقتل ( أنشدك الله يا زيد ، أتُحبُّ أن محمداً عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه وأنك في أهلك ؟) قال ( والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأني جالس في أهلي !) يقول أبو سفيان ( ما رأيت من الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمدٍ محمداً !) ثم قتله نِسْطاس ، يرحمه الله

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:38 PM




سالم مولى أبى حذيفة
رضي الله عنه

" الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك "
حديث شريف

مـن هــو ؟

كان رقيقـا وأعتـق ، وآمن بالله وبرسوله إيمانا مبكرا ، وأخذ مكانه بين السابقيـن الأولين ، هذا هو الصحابي سالم بن معقل أو سالم مولى أبى حذيفة ، لأنه كان رقيقا ثم ابنا ثم أخاً ورفيقاً للذي تبناه وهو الصحابي الجليل أبو حذيفـة بن عتبة ، وتزوج
سالم ابنة أخيه ( فاطمة بنت الوليد بن عتبة ) ، ولذلك عُدّ من المهاجرين

فضله

كان سالم -رضي الله عنه- إمامـاً للمهاجريـن من مكة الى المدينة طوال صلاتهم في مسجد قباء و كان فيهم عمر بن الخطاب وذلك لأنه أقرأهم ، وأوصى الرسـول أصحابه قائلا ( خذوا القـرآن من أربعـة عبدالله بن مسعـود ، وسالم مولى أبى حذيفـة وأبي بن كعب ومعـاذ بـن جبـل )
وعن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت ( احتبستُ على رسول الله فقال ( ما حَبَسَكِ ؟) قالت ( سمعت قارئاً يقرأ ) فذكرتُ من حُسْنِ قراءته ، فأخذ رسول الله رِداءَ ه وخرج ، فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة فقال ( الحمدُ لله الذي جعل في أمتي مثلك ) وقد قال رسول الله ( إن سالماً شديد الحبِّ لله ، لو كان ما يخاف الله عزَّ وجلّ ، ما عصاه )

وقد كان عمر -رضي الله عنه- يجلّه ، وقال وهو على فراش الموت ( لو أدركني أحدُ رجلين ، ثم جعلت إليه الأمرَ لوثقت به سالم مولى أبي حذيفة ، وأبو عبيدة بن الجراح )
كان فزعٌ بالمدينة فأتى عمرو بن العاص على سالم مولى أبي حذيفة وهو مُحْتَبٍ بحمائل سيفِه ، فأخذ عمرو سيفه فاحتبى بحمائله ، فقال رسول الله ( يا أيها الناس ! ألا كان مفزعكم إلى الله وإلى رسوله ) ثم قال ( ألا فعلتم كما فَعَل هذان الرجلان المؤمنان )

الجهر بالحق

كانت الفضائل تزدحم حول سالم -رضي الله عنه- ولكن كان من أبرز مزاياه الجهر بما يراه حقا فلا يعرف الصمت ، وتجلى ذلك بعد فتح مكة ، حين أرسل الرسول بعض السرايا الى ما حول مكة من قرى وقبائل ، وأخبرهم أنهم دعاة لا مقاتلين ، فكان سالم -رضي الله عنه- في سرية خالد بن الوليد الذي استعمل السيف وأراق الدم ، فلم يكد يرى سالم ذلك حتى واجهه بشدة ، وعدد له الأخطاء التي ارتكبت ، وعندما سمع الرسول النبأ ، اعتذر الى ربه قائلا ( اللهم إني أبرأ مما صنع خالد ) كما سأل ( هل أنكر عليه أحد ؟) فقالوا له ( أجل ، راجعه سالم وعارضه ) فسكن غضب الرسول

الرضاع

وقصة سالم والرضاع مشهورة ، فقد أتت سهلة بنت عمرو رسول الله فقالت ( إنّ سالماً بلغ ما يبلغ الرجال ، وإنه يدخل عليّ ، وأظنّ في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئاً ) فقال لها الرسول ( أرضِعيه تَحْرُمي عليه ) وقد رجعت إليه وقالت ( إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة ) وقد قال أزواج الرسول ( إنّما هذه رخصة من رسول الله لسالم خاصة )

يوم اليمامة

تعانق الأخوان سالم و أبو حذيفة ، وتعاهدا على الشهادة وقذفا نفسيهما في الخضم الرهيب ، كان أبو حذيفة يصيح ( يا أهل القرآن ، زينوا القرآن بأعمالكم ) وسالم يصيح ( بئس حامل القرآن أنا لو هوجم المسلمون من قِبَلِي ) وسيفهما كانا يضربان كالعاصفة ، وحمل سالم الراية بعد أن سقط زيد بن الخطاب شهيدا ، فهوى سيف من سيوف الردة على يمناه فبترها ، فحمل الراية بيسراه وهو يصيح تاليا الآية الكريمة
( وكأيّ من نبي قاتل معه ربيّون كثير ، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين )

الشهادة

وأحاطت به غاشية من المرتدين فسقط البطل ، ولكن روحه ظلت في جسده حتى نهاية المعركة ، ووجده المسلمون في النزع الأخير ، وسألهم ( ما فعل أبو حذيفة ؟) قالوا ( استشهد ) قال ( فأضجعوني الى جواره ) قالوا ( إنه إلى جوارك يا سالم ، لقد استشهد في نفس المكان !) وابتسم ابتسامته الأخيرة وسكت ، فقد أدرك هو وصاحبه ما كانا يرجوان ، معا أسلما ، ومعا عاشا ، ومعا ا ستشهدا ، وذلك في عام ( 12 هـ )



يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:38 PM



سعد بن الربيع
رضي الله عنه

غزوة أحد

بعد أن فرغ الناس لقتلاهم قال الرسول ( من رجل ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع ؟ أفي الأحياء هو أم الأموات ؟) فقال محمد بن مسلمة الأنصاري
( أنا أنظر لك يا رسول الله ما فعل سعد )

فنظر فوجده جريحا في القتلى وبه رَمَق فقال له ( إن رسول الله أمرني أن أنظر ، أفي الأحياء أنت أم الأموات ؟)

قال ( أنا في الأموات ، فأبلغ رسول الله عني السلام وقل له إن سعد بن الربيع يقول لك جزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته ، وأبلغ قومك عني السلام وقل لهم إن سعد بن الربيع يقول لكم إنه لا عذر لكم عند الله ان خُلِص إلى نبيكم -- ومنكم عين تطرف ) قال ( ثم لم أبرح حتى مات ، فجئت رسول الله فأخبرته خبره )

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:40 PM



سعد بن عبادة
رضي الله عنه

" اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة "
حديث شريف
مـن هــو ؟


هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة سيد الخزرج ( أبو قيس ) ، أسلم مبكرا وشهـد بيعة العقبة والمشاهد كلها مع الرسـول سخر أموالـه في خدمة الإسلام وكان يسأل الله قائلا ( اللهم إنه لا يصلحني القليل ولا أصلح عليه ) حتى أصبح مثلا بالجود والكرم ، وكان يحسن العَوْمَ والرمي فسمي بالكامل

تعذيب قريش له

علمت قريش بأمر الأنصار ولقائهم مع الرسول فلحقت بهم وأدركت سعد بن عبادة أحد الاثنى عشر نقيبا ، وأخذوه وربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله ، وأدخلوه مكة وهم يضربونه ، يقول سعد ( فوالله إني لفي أيديهم إذ طلع علي نفر من قريش ، فيهم رجل وضيء أبيض ، شعشاع حلو من الرجال ، فقلت في نفسي إن يك عند أحد من القوم خير فعند هذا فلما دنا مني رفع يده فلكمني لكمة شديدة فقلت في نفسي والله ما عندهم بعد هذا من خير !

فوالله إني لفي أيديهم يسحبونني إذ أوى لي رجل ممن كان معهم فقال ( ويحك ! أما بينك وبين أحد من قريش جوار ولا عهد ؟) فقلت ( بلى والله لقد كنت أجير لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف تجّاره ، وأمنعهم ممن أراد ظلمهم ببلادي ، وللحارث بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ) قال ( ويحك فاهتف باسم الرجلين ،واذكر ما بينك وبينهما)

قال ففعلت وخرج ذلك الرجل إليهما ، فوجدهما في المسجد عند الكعبة ، فقال لهما ( إن رجلا من الخزرج الآن يضرب بالأبطح ويهتف بكما ويذكر أن بينـه وبينكما جوار) قالا ( ومن هـو ؟) قال ( سعـد بن عبادة) قالا ( صدق واللـه ، إن كان ليجير لنا تجارنا ، ويمنعهم أن يظلموا ببلده) فجاءا فخلصا سعـد من أيديهـم ، فانطلق ، وكان الذي لكم سعـدا سهيـل بن عمرو العامـري ، وكان الرجـل الذي آوى إليه أبا البختري بن هشام

جوده وكرمه

كان سعد بن عبادة مشهوراً بالجود والكرم هو وأبوه وجدّه وولدُهُ ، وكان لهم أطُمٌ -بيت مربع مسطح- يُنادَى عليه كل يوم ( من أحبَّ الشّحْمَ واللحْمَ فليأتِ أطمَ دُليم بن حارثة ) وكانت جَفْنة سعد تدور مع النبي في بيوت أزواجه

السلام

استأذن رسول الله على سعد بن عبادة فقال ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) فقال سعد ( وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ) ولم يُسْمع النبي حتى سلّمَ ثلاثاً ، وردَّ عليه سعد ثلاثاً ، ولم يُسْمِعْهُ ، فرجع النبي فاتبعه سعدٌ فقال ( يا رسول الله ! بأبي أنت ما سلّمتَ تسليمة إلا وهي بأذُني ، ولقد رددتُ عليك ولم أسْمِعْكَ ، أحببتُ أن أستكثرَ من سلامِكَ ومن البركة ) ثم دخلوا البيت فقرّب إليه زبيباً فأكل نبي الله فلمّا فرغ قال ( أكلَ طعامكم الأبرار ، وصلّتْ عليكم الملائكة ، وأفطر عندكم الصائمون )

الخلق الصالح

جاء سعد بن عبادة وابنه قيس بن سعد بزاملةٍ -ناقة يُحمل عليها- تحمل زاداً ، يؤمّان رسول الله يعني يوم ضلّتْ زاملتُهُ في حجّة الوداع ، حتى يجد رسول الله واقفاً عند باب منزله ، فقد أتى الله بزاملته ، فقال سعد ( يا رسول الله ! بلغنا أن زاملتَكَ ضلت مع الغلام وهذه زاملةٌ مكانها ) فقال رسول الله ( قد جاءَ الله بزاملتِنا ، فارجِعا بزاملتكما بارك الله عليكما ، أما يكفيك يا أبا ثابت ما تصنع بنا في ضيافتكَ منذ نزلنا المدينة ؟) قال سعد ( يا رسول الله ! المنّة لله ولرسوله ، والله يا رسول الله للذي تأخذ من أموالنا أحبُّ إلينا من الذي تَدَعُ ) قال ( صدقتُم يا أبا ثابت ، أبشِرْ فقد أفلحت ، إن الأخلاقَ بيد الله ، فمن أراد أن يمنحَه منها خُلقاً صالحاً منحَهُ ، ولقد مَنَحَكَ الله خُلقاً صالحاً ) فقال سعد ( الحمد لله هو فعل ذلك )


راية الأنصار

يقول ابن عباس -رضي الله عنهما- ( كان لرسول الله في المواطن كلها رايتان ، مع علي بن أبي طالب راية المهاجرين ، ومع سعد بن عبادة راية الأنصار )

غزوة الغابة

في غزوة الغابة أقام سعد بن عبادة في المدينة في ثلاثمائة من قومه يحرسون المدينة خمسَ ليالٍ حتى رجع النبـي وبعث إلى النبي بأحمالِ تمر ، وبعشر جزائر -ناقة- بذي قرد وكان في الناس قيس بن سعد بن عبادة على فرسٍ له يُقال له الوَرْد ، وكان هو الذي قرّب الجُزُرَ والتمرَ إلى النبي فقال رسول الله ( يا قيس ، بعَثَك أبوك فارساً ، وقوّى المجاهدين ، وحرس المدينة من العدو ، اللهم ارحم سعداً وآل سعد )
ثم قال رسول الله ( نِعْمَ المَرْءُ سعد بن عبادة ) فتكلمت الخزرج فقالت ( يا رسول الله ! هو نقيبنا وسيّدنا وابن سيدنا ، كانوا يُطعمون في المَحْـلِ ، ويحملون في الكَـلِّ ، ويَقْرون الضيـف ، ويُطعمون في النائبـة ، ويحملون عن العشيرة ) فقال النبـي ( خيارُ النّاس في الإسلام خيارُهم في الجاهلية إذا فقهوا في الدّين )

يوم الفتح

كانت شخصية سعد تتسم بالشدة والقوة ، ففي يوم فتح مكة جعله الرسول أميرا على فيلق من جيش المسلمين ، ولم يكد يصل الى مشارف مكة حتى صاح ( اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة ) فكأنه عندما رأى مكة مستسلمة لجيش الفتح ، تذكر كل صور العذاب الذي صبته على المؤمنين وكان ذنبهم أن يقولوا لا إله إلا الله ، فدفعه الى توعدهم فسمعه عمر بن الخطاب وسارع الى النبي قائلا ( يا رسول الله ، اسمع ما قال سعد بن عبادة ، ما نأمن أن يكون له في قريش صولة ) فأمر النبي عليا كرم الله وجهه أن يدركه ، ويأخذ الراية منه ، ويتأمر مكانه

يوم حنين

أعطى الرسول ما أعطى من العطايا ولم يكن للأنصار منها شيء ، حتى كثرت منهم القالة ، وقال قائلهم ( لقي والله رسول الله قومه ) وقال سعد للرسول ( يا رسول الله إن هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت ، قسمت في قومك ، وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء ) فقال الرسول ( فأين أنت من ذلك يا سعد ؟) قال ( يا رسول الله ما أنا إلا من قومي ) قال ( فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة )

فلما اجتمعوا أتاهم الرسول فحمد الله وأثنى عليه وقال ( يا معشر الأنصار ، ما قالة بلغتني عنكم ، وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ! ألم آتكم ضُـلالا فهداكم الله ، وعالة فأغناكم الله ، وأعداء فألف الله بين قلوبكم ! ) فقالوا ( بلى ، الله ورسوله أمـن وأفضـل ) ثم قال ( ألا تجيبونني يا معشر الأنصار ؟) قالوا ( بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل !) قال ( أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصَدقتم ولصُدّقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ، ومخذولا فنصرناك ، وطريدا فآويناك ، وعائلا فآسيناك ، أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم في لُعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكَلْتكم الى إسلامكم ! ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعوا برسول الله الى رحـالكم ؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجـرة لكنت أمرأ من الأنصـار ، ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار ! اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار )
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا وسعد معهم
( رضينا برسول الله قسما وحظا )


يو م السقيفة

ولما قبض الرسول انحاز بعض الأنصار الى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة منادين بأن يكون خليفة رسول الله -- ، وخطب فيهم سعد -رضي الله عنه- موضحا أحقية الأنصار بذلك ،ولكن لأن الرسول قد استخلف أبا بكر على الصلاة أثناء مرضه ، فهم الصحابة أن هذا الاستخلاف مؤيدا لخلافة أبي بكر وتزعم عمر بن الخطاب هذا الرأي

وسارع أبوبكر وعمر وأبوعبيدة بن الجراح -رضي الله عنهم- إلى الأنصار ، واشتد النقاش حول أحقية الخلافة ، وخطب أبوبكر الصديق خطبة بين فيها فضل المهاجرين والأنصار وقال في خاتمتها ( هذا عمر وهذا أبوعبيـدة فأيهما شئتـم فبايعـوا) فقال الاثنان (لا والله لا نتولى هذا الأمر عليك ) ثم قال عمر (ابسط يدك نبايعك ) فسبقهما بشير بن سعد -رضي الله عنه- وهو من كبار الأنصار وبايع أبا بكر وتلاه عمر وأبو عبيدة ، فقام الحاضرون من الأنصار والمهاجرين فبايعوه وفي اليوم التالي اجتمع المسلمون في المسجد وبايعوه بيعة عامة

خلافة عمر

في الأيام الأولى من خلافة عمر -رضي الله عنه- ، ذهب سعد الى أمير المؤمنين ، وقال بصراحته المتطرفة ( كان صاحبك أبو بكر -والله- أحب إلينا منك ، وقد -والله- أصبحتُ كارهاً لجوارك ) فأجاب عمر بهدوء ( إن من كره جوار جاره ، تحول عنه ) وعاد سعد فقال ( إني متحول إلى جوار من هو خير عنك ) وبهذا أراد سعد ألا ينتظر ظروفا قد تطرأ بخلاف بينه وبين أمير المؤمنين ، خلاف لا يريده ولا يرضاه

وفاته

شـدّ سعد بن عبادة -رضي اللـه عنه- الرحال إلى الشام ، وما كاد أن يبلغهـا وينزل أرض حوران حتى دعـاه أجله وأفضى إلى جوار ربـه الرحيم سنة ( 14 هـ )

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:41 PM



سعد بن معاذ
رضي الله عنه

مـن هــو ؟

سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري سيد الأوس في عامه
الواحد والثلاثين أسلم ، واستشهد في عامه السابع والثلاثين
وبينهما قضى سعد بن معاذ زعيم الأنصار أياما شاهقة في
خدمة الله ورسوله

اسلامه
أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير الى المدينة ليعلم المسلمين الأنصار الذين بايعوا الرسول في بيعة العقبة الأولى ، وليدعو غيرهم الى الايمان ، ويومئذ كان يجلس أسيد بن حضير وسعد بن معاذ وكانا زعيمي قومهما يتشاوران بأمر الغريب الآتي ، الذي يدعو لنبذ دين الأباء والأجداد وقال سعد ( اذهب الى هذا الرجل وازجره ) .. وحمل أسيد حربته وذهب الى مصعب الذي كان في ضيافة أسعد بن زرارة وهو أحد الذين سبقوا في الاسلام ، وشرح الله صدر أسيد للإسلام ، فأسلم أسيد من غير ابطاء وسجد لله رب العالمين ..

وعاد أسيد الى سعد بن معاذ الذي قال لمن معه ( أقسم ، لقد جاءكم أسيد بغير الوجه الذي ذهب به ) .. وهنا استخدم أسيد ذكاءه ليدفع بسعد الى مجلس مصعب سفير الرسول لهم ، ليسمع ما سمع من كلام الله ، فهو يعلم بأن أسعد بن زرارة هو ابن خالة سعد بن معاذ ، فقال أسيد لسعد ( لقد حدثت أن بني حارثة قد خرجوا الى أسعد بن زرارة ليقتلوه ، وهم يعلمون أنه ابن خالتك ) .. وقام سعد وقد أخذته الحمية ، فحمل الحربة وسار مسرعا الى أسعد حيث معه مصعب والمسلمين ، ولما اقترب لم يجد ضوضاء ، وانما سكينة تغشى الجماعة ، وآيات يتلوها مصعب في خشوع ، وهنا أدرك حيلة أسيد ..

ولكن ماكاد أن يسمع القرآن حتى شرح الله صدره للاسلام ، وأضاء بصيرته ، فألقى حربته بعيدا وبسط يمينه مبايعا ، وأسلم لرب العالمين ، فلمّا أسلم قال سعد لبني عبد الأشهل ( كلامُ رجالِكم ونسائِكم عليّ حرام حتى تُسلموا ) .. فأسلموا ، فكان من أعظم الناس بركةً في الإسلام .
غزوة بدر
جمع الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه المهاجرين والأنصار ليشاورهم في الأمر ، وكان يريد معرفة موقف الأنصار من الحرب ، فقال سعد بن معاذ ( يا رسول الله ، لقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق ، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا ، إنا لصبر في الحرب ، صدق عند اللقاء ، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك ، فسر بنا على بركة الله ) .. فسر الرسول صلى الله عليه وسلم وقال ( سيروا وأبشروا فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين ، والله لكأني الآن أنظر الى مصارع القوم )
غزوة الخندق

في غزوة الخندق اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم برأي الأنصار بكل خطوة يخطيها لأن الأمر يجري كله بالمدينة ، فكان يستشير سعد بن معاذ سيد الأوس وسعد بن عبادة سيد الخزرج بكل الأمور التي تجد ..

لقد سمع الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين بأن بني قريظة قد نقضوا عهدهم ، فبعث الرسول صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وقال لهم ( انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا ؟ فان كان حقا فالحنوا لي لحنا أعرفه ، ولا تفتوا في أعضاد الناس ، وإن كانوا على الوفاء فيما بيننا وبينهم فاجهروا به للناس ) .. فخرجوا حتى أتوهم ، فوجدوهم على أخبث ما بلغهم عنهم ، وقالوا ( من رسول الله ؟ لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد ) .. فشاتمهم سعد بن معاذ وشاتموه فقال له سعد بن عبادة ( دع عنك مشاتمتهم ، فما بيننا وبينهم أربى من المشاتمة ) .. ثم أقبلا على الرسول صلى الله عليه وسلم فسلموا وقالوا ( عضل والقارة ) أي كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين ) ..


تفاوض الرسول صلى الله عليه وسلم مع زعماء غطفان فأخبر سعد بن معاذ وسعد بن عبادة في ذلك فقالا له ( يا رسول الله أمرا تحبه فنصنعه ، أم شيئا أمرك الله به لابد لنا من العمل به ، أم شيئا تصنعه لنا ؟) .. قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( بل شيء أصنعه لكم ، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ، وكالبوكم من كل جانب ، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما ) .. فقال له سعد بن معاذ ( يا رسول الله ، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان ، لا نعبد الله ولا نعرفه ، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قرىً أو بيعاً ، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا ! والله ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم ) .. قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( فأنت و ذاك ) .. فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب ثم قال ( ليجهدوا علينا )
اصابته
وشهدت المدينة حصارا رهيبا ، ولبس المسلمون لباس الحرب وخرج سعد بن معاذ حاملا سيفه ورمحه ، فعن السيدة عائشة أنها كانت في حصن بني حارثة يوم الخندق ، وكانت أم سعد بن معاذ معها في الحصن ، وذلك قبل أن يُضرب الحجاب عليهن ، فمرّ سعد وعليه درعٌ مقلّصة قد خرجت منها ذراعه وفي يده حربة وهو يقول ( لبِّث قليلاً يَلْحَقِ الهَيْجَا حَمَـلْ ..... لا بأس بالموتِ إذا حانَ الأجـلْ ) .. فقالت أم سعد ( الْحَقْ يا بُنيّ قدْ واللـه أخرت ) .. فقالت عائشة ( يا أم سعد لوددتُ أنّ درعَ سعد أسبغ ممّا هي ) .. فخافت عليه حين أصيب السهم منه ..

وفي إحدى الجولات أصابه سهم في ذراعه من المشركين ، من رجل يُقال له ابن العَرِقة ، وتفجر الدم من وريده وأسعف سريعا ، وأمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يحمل الى المسجد وأن تنصب له خيمة ليكون قريبا منه أثناء تمريضه ، ورفع سعد بصره للسماء وقال ( اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فأبقني لها ، فإنه لا قوم أحب إلي أن أجهادهم من قوم أذوا رسولك ، وكذبوه وأخرجوه ، وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم ، فاجعل ما أصابني اليوم طريقا للشهادة ، ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة ) .. وكان بنو قريظة مواليه وحلفاءَ ه في الجاهلية
الرسول يحكم سعد فى بنى قريظة

وأتى الرسول صلى الله عليه وسلم بني قريظة بعد الخندق مباشرة ، وحاصرهم خمساً وعشرين ليلة ، ثم حكّم الرسول صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ ببني قريظة ، فأتاه قومه ( الأوس ) فحملوه وأقبلوا معه الى الرسول وهم يقولون ( يا أبا عمرو ، أحسن في مواليك فإن الرسول إنما ولاك ذلك لتحسن فيهم ) .. حتى دنا من دورهم التفت إلى قومه فقال ( قدْ آنَ لي أن لا أبالي في الله لَوْمَةَ لائِمٍ ) ..

فلما أتوا الرسول صلى الله عليه وسلم قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( قوموا إلى سيدكم ) .. فقاموا إليه فقالوا ( يا أبا عمرو ، إن رسول الله قد ولاك أمر مواليـك لتحكم فيهم ) .. فقال سعد ( عليكم بذلك عهد اللـه وميثاقه أن الحكم فيهم لما حكمـت ؟) .. قالوا ( نعـم ) .. قال ( وعلى مـن هـاهنـا ؟) .. في الناحية التي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معرض عن رسول الله إجلالا له ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ( نعم ) .. قال سعد ( فإني أحكم فيهم أن تقتل الرجال ، وتقسم الأموال ، وتسبى الذراري والنساء ) .. قال الرسـول صلى الله عليه وسلم ( لقد حكمت فيهم بحكم اللـه من فوق سبعة أرقعة ) .. ونفذ الرسول الكريم حكم سعد بن معاذ فيهم ..
وفاة سعد
فلما انقضى أمر بني قريظة انفجر بسعد جرحه ، واحتضنه رسول اللـه صلى الله عليه وسلم فجعلت الدماء تسيل على رسول اللـه صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر فقال ( وانكسارَ ظَهْراهْ ) .. فقال الرسـول صلى الله عليه وسلم ( مَهْ ) .. فقال عمر ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) ..

وقد نزل جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( يا نبيّ الله مَنْ هذا الذي فُتِحَتْ له أبواب السماء واهتزَّ له العرش ؟) .. فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعاً يجرّ ثوبه ، فوجد سعداً قد قَبِضَ ..
الجنازة
فمات سعد شهيداً بعد شهر من إصابته ، ويروى أن سعدا كان رجلا بادنا ، فلما حمله الناس وجدوا له خفة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ( إن له حملة غيركم ، والذي نفسي بيده لقد استبشرت الملائكة بروح سعد ، واهتز له العرش ) .. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لقد نزل من الملائكة في جنازة سعد بن معاذ سبعون ألفاً ما وطئوا الأرض قبلُ ) .. كما يقول ( أبو سعيـد الخدري ) - رضي اللـه عنه - ( كنت ممـن حفر لسعـد قبره ، وكنا كلما حفرنا طبقة مـن تراب ، شممنا ريح المسك حتى انتهينا الى اللحد ) ..


ولمّا انتهوا الى قبر سعد نزل فيه أربعة نفر ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقفٌ على قدميه ، فلمّا وُضع في قبره تغيّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسبّح ثلاثاً ، فسبّح المسلمون ثلاثاً حتى ارتجّ البقيع ، ثم كبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً ، وكبّر أصحابه ثلاثاً حتى ارتجّ البقيع بتكبيره ، فسُئِلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقيل ( يا رسول الله رأينا بوجهك تغيّراً وسبّحت ثلاثاً ؟) ... قال ( تضايق على صاحبكم قبره وضُمَّ ضمةً لو نَجا منها أحدٌ لنَجا سعدٌ منها ، ثم فرّج الله عنه )
فضل سعد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما رأى ثوب ديباج ( والذي نفس محمد بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا ) .. وقد قال شرحبيل بن حسنة ( أخذ إنسان قبضة من تراب قبر سعد فذهب بها ثم نظر إليها بعد ذلك فإذا هي مسك !!) ..

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:42 PM



سعيد بن عامر
رضي الله عنه

" لقد كان لي أصحاب سبقوني الى الله ، وما أحب أن
انحرف عن طريقهم ولو كانت لي الدنيا بما فيها "
سعيد بن عامر
مـن هــو ؟


سعيد بن عامر بن جِذْيَـم بن سَلامان القرشي ، أمـه أروى بنت أبي مُعَيـط أسلم قبل فتح خيبر وهاجر وشهدها ، ومنذ أسلم وبايع الرسول أعطاهما كل حياته ، شهد مع الرسول الكريم جميع المشاهد والغزوات كان أشعث أغبر من فقراء المسلمين ، كما كان من أكبر أتقيائهم


جيش الشام

بلغ سعيد بن عامر أن أبا بكر يريد أن يبعثه مدداً ليزيد بن أبي سفيان ، ومكث أياماً لا يذكر أبو بكر ذلك له ، فقال سعيد ( يا أبا بكر ، والله لقد بلغني أنك تريد أن تبعثني في هذا الوجه ، ثم رأيتك قد سكت ، فما أدري ما بدا لك ؟! فإن كنتَ تريد أن تبعث غيري فابعثني معه ، فما أرضاني بذلك ، وإن كنت لا تريد أن تبعث أحداً ، فما أرغبني بالجهاد ، إيذنْ لي رحمك الله حتى ألحق بالمسلمين ، فقد ذُكِرَ لي أنه قد جُمِعَت لهم جموع كثيرة )

فقال له أبو بكر ( رحمكَ الله ، الله أرحم الراحمين يا سعيد ، فإنك ما علمتُ من المتواضعين المتواصلين المخبتين ، المجتهدين بالأسحار ، الذاكرين الله كثيراً ) فقال سعيد ( يرحمك الله ، نِعَمُ الله عليّ أفضل ، له الطّوْل والمنُّ ، وأنت ما علمتُك يا خليفة رسول الله فقال له ( حسبك يا سعيد ، اخرج رحمك الله فتجهّز ، فإني باعثٌ إلى المؤمنين جيشاً مُمِدّاً لهم ، ومؤمِّرَك عليهم ) وأمر بلالاً فنادى في الناس ( ألا انتدبوا أيّها الناس مع سعيد بن عامر إلى الشام )

السلامة

وجاء سعيد بن عامر ومعه راحلته حتى وقف على باب أبي بكر والمسلمون جلوس ، فقال لهم ( أما إن هذا الوجه وجهُ رحمةٍ وبركة ، اللهم فإن قضيتَ لنا -يعني البقاء- فعلى عادتك ، وإن قضيتَ علينا الفرقة فإلى رحمتك ، وأستودعكم الله وأقرأ عليكم السلام ) ثم ولى سائراً

فقال أبو بكر ( عباد الله ، ادعوا الله أن يصحب صاحبكم وإخوانكم معه ، ويُسلّمهم ، فارفعوا أيديكم رحمكم الله أجمعين ) فرفع القومُ أيديهم وهم أكثر من خمسين ، فقال عليّ ( ما رفع عدّة من المسلمين أيديهم إلى ربهم يسألونه شيئاً إلا استجاب لهم ، ما لم يكن معصية أو قطيعة رحم )

فبلغ ذلك سعيداً بعدما وقع إلى الشام ، ولقيَ العدو فقال ( رحم الله إخواني ، ليتهم لم يكونوا دعوا لي ، قد كنت خرجتُ وأني على الشهادة لحريصٌ ، فما هو إلا أن لقيتُ العدو فعصمني الله من الهزيمة والفرار ، وذهب من نفسي ما كنت أعرف من حبي الشهادة ، فلمّا أن أخبرتُ أنّ إخواني دعوا لي بالسلامة ، علمت أني قد استجيب لهم !!)

ولاية الشام


عندما عزل عمر بن الخطاب معاوية عن ولاية الشام ، تلفت حواليه يبحث عن بديل يوليه مكانه ، يكون زاهد عابد قانت أواب ، وصاح عمر ( قد وجدته ، إلي بسعيد بن عامر ) وعندما جاء وعرض عليه ولاية حمص اعتذر سعيد وقال ( لا تَفْتِنّي يا أمير المؤمنين ) فيصيح عمر به ( والله لا أدعك ، أتضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي ثم تتركونني ؟!) واقتنع سعيد بكلمات عمر ، وخرج الى حمص ومعه زوجه

الزوجة الجميلة

خرج سعيد -رضي الله عنه- ومعه زوجته العروس الفائقة الجمال الى حمص ، ولما استقرا أرادت زوجته أن تستثمر المال الذي زوده به عمر ، فأشارت عليه بشراء ما تحتاج إليه من ثياب ومتاع ثم يدخر الباقي ، فقال لها سعيد ( ألا أدلك على خير من هذا ؟ نحن في بلاد تجارتها رابحة ، وسوقها رائجة ،فلنعط هذا المال من يتجر لنا فيه وينميه ) قالت ( فإن خسرت تجارته ؟) قال ( سأجعل ضمانها عليه !) قالت ( فنعم إذن )

وخرج سعيد فاشترى بعض ضرورات عيشه المتقشف ، ثم فرق جميع المال على الفقراء والمحتاجين ومرت الأيام وكلما سألته زوجته عن تجارتهما يجيبها ( إنها تجارة موفقة ، وإن الأرباح تنمو وتزيد ) وعندما شكت وارتابت بالأمر ألحت عليه لتعرف ، فأخبرها الحقيقة ، فبكت وأسفت على المال ، ونظر إليها سعيد وقد زادت جمالا ثم قال ( لقد كان لي أصحاب سبقوني الى الله ، وما أحب أن انحرف عن طريقهم ولو كانت لي الدنيا بما فيها ) وقال لها ( تعلمين أن في الجنة من الحور العين والخيرات الحسان ، ما لو أطلت واحدة منهن على الأرض لأضاءتها جميعا ، ولقهر نورها نور الشمس والقمر معا ، فلأن أضحي بك من أجلهن ، أحرى وأولى من أن أضحي بهن من أجلك ) وأنهى الحديث هادئا مبتسما وسكنت زوجته وأدركت أنه لا شيء أفضل من السير مع سعيد في طريقه التقي الزاهد

شكوى أهل حمص

عندما زار عمر -رضي الله عنه- حمص تحدث مع أهلها فسمع شكواهم ، فقد قالوا ( نشكو منه أربعا لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار ، ولا يجيب أحد بليل ، وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما إلينا ولا نراه ، وأخرى لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا وهي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين ) فقال عمر همسا ( اللهم إني أعرفه من خير عبادك ، اللهم لا تخيب فيه فراستي ) ودعا سعيد للدفاع عن نفسه

فقال سعيد ( أما قولهم إني لا أخرج إليهم حتى يتعالى النهار ، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب ، إنه ليس لأهلي خادم ، فأنا أعجن عجيني ، ثم أدعه حتى يختمر ، ثم أخبز خبزي ، ثم أتوضأ للضحى ، ثم أخرج إليهم) وتهلل وجه عمر وقال ( الحمدلله ، والثانية ؟!)

قال سعيد ( وأما قولهم لاأجيب أحدا بليل ، فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب ، إني جعلت النهار لهم ، والليل لربي

وأما قولهم إن لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما ، فليس لي خادم يغسل ثوبي ، وليس لي ثياب أبدلها ، فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر حتى يجف بعد حين وفي آخر النهار أخرج إليهم

وأما قولهم إن الغشية تأخذني بين الحين والحين ، فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة ، وقد بضعت قريش لحمه ، وحملوه على جذعة ، وهم يقولون له أتحب أن محمدا مكانك ، وأنت سليم معافى ؟ فيجيبهم قائلا والله ما أحب أني في أهلي وولدي ، معي عافية الدنيا ونعيمها ، ويصاب رسول الله بشوكة فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيته ، وأنا يومئذ من المشركين ، ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومها ، أرتجف خوفا من عذاب الله ويغشاني الذي يغشاني )

وانتهت كلمات سعيد المبللة بدموعه الطاهرة ولم يتمالك عمر نفسه وصاح ( الحمد لله الذي لم يخيب فراستي ) وعانق سعيدا

زهده

لقد كان سعيد بن عامر صاحب عطاء وراتب كبير بحكم عمله ووظيفته ، ولكنه كان يأخذ ما يكفيه وزوجه ويوزع الباقي على البيوت الفقيرة ، وقد قيل له ( توسع بهذا الفائض على أهلك وأصهارك ) فأجاب ( ولماذا أهلي وأصهاري ؟ لا والله ما أنا ببائع رضا الله بقرابة ) كما كان يجيب سائله ( ما أنا بالمتخلف عن الرعيل الأول ، بعد أن سمعت رسول الله يقول ( يجمع الله عز وجل الناس للحساب فيجيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحمام فيقال لهم قفوا للحساب فيقولون ماكان لنا شيء نحاسب عليه فيقول الله صدق عبادي فيدخلون الجنة قبل الناس )

وفاته

وفي العام العشرين من الهجرة ، لقي سعيد -رضي الله عنه- ربه نقيا طاهرا

يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:44 PM



سلمان الفارسى
رضي الله عنه

مـن هــو ؟

سلمان الفارسي وكنيته ( أبو عبد الله ) رجلا من أصبهان من قرية ( جيّ ) ، غادر ثراء والده بحثا عن خلاص عقله وروحه ، كان مجوسيا ثم نصرانيا ثم أسلم للـه رب العالمين ، وقد آخى الرسول بينه وبين أبو الدرداء

قبل الاسلام

لقد اجتهد سلمان - رضي الله عنه - في المجوسية ، حتى كان قاطن النار التي يوقدها ولا يتركها تخبو ، وكان لأبيه ضيعة ، أرسله إليها يوما ، فمر بكنيسة للنصارى ، فسمعهم يصلون وأعجبه ما رأى في دينهم وسألهم عن أصل دينهم فأجابوه في الشام ، وحين عاد أخبر والده وحاوره فقال ( يا أبتِ مررت بناس يصلون في كنيسة لهم فأعجبني ما رأيت من دينهم فوالله مازلت عندهم حتى غربت الشمس ) قال والده ( أي بُني ليس في ذلك الدين خير ، دينُك ودين آبائك خير منه ) قال ( كلا والله إنه خير من ديننا ) فخافه والده وجعل في رجليه حديدا وحبسه ، فأرسل سلمان الى النصارى بأنه دخل في دينهم ويريد مصاحبة أي ركب لهم الى الشام ، وحطم قيوده ورحل الى الشام

وهناك ذهب الى الأسقف صاحب الكنيسة ، وعاش يخدم ويتعلم دينهم ، ولكن كان هذا الأسقف من أسوء الناس فقد كان يكتنز مال الصدقات لنفسه ثم مات ، وجاء آخر أحبه سلمان كثيرا لزهده في الدنيا ودأبه على العبادة ، فلما حضره الموت أوصى سلمان قائلا ( أي بني ، ما أعرف أحدا من الناس على مثل ما أنا عليه إلا رجلا بالموصل )
فلما توفي رحل سلمان الى الموصل وعاش مع الرجل الى أن حضرته الوفاة فدله على عابد في نصيبين فأتاه ، وأقام عنده حتى إذا حضرته الوفاة أمره أن يلحق برجل في عمورية
فرحل إليه ، واصطنع لمعاشه بقرات وغنيمات ، ثم أتته الوفاة فقال لسليمان ( يا بني ما أعرف أحدا على مثل ما كنا عليه ، آمرك أن تأتيه ، ولكنه قد أظلك زمان نبي يبعث بدين إبراهيم حنيفا ، يهاجر الى أرض ذات نخل بين جرّتين فإن استطعت أن تخلص إليه فافعل ، وإن له آيات لا تخفى ، فهو لا يأكل الصدقة ، ويقبل الهدية ، وإن بين كتفيه خاتم النبوة ، إذا رأيته عرفته )

لقاء الرسول

مر بسليمان ذات يوم ركب من جزيرة العرب ، فاتفق معهم على أن يحملوه الى أرضهم مقابل أن يعطيهم بقراته وغنمه ، فذهب معهم ولكن ظلموه فباعوه ليهودي في وادي القرى ، وأقام عنده حتى اشتراه رجل من يهود بني قريظة ، أخذه الى المدينة التي ما أن رأها حتى أيقن أنها البلد التي وصفت له ، وأقام معه حتى بعث الله رسوله وقدم المدينة ونزل بقباء في بني عمرو بن عوف ، فما أن سمع بخبره حتى سارع اليه

فدخل على الرسول وحوله نفر من أصحابه ، فقال لهم ( إنكم أهل حاجة وغربة ، وقد كان عندي طعام نذرته للصدقة ، فلما ذكر لي مكانكم رأيتكم أحق الناس به فجئتكم به )
فقال الرسول لأصحابه ( كلوا باسم الله ) وأمسك هو فلم يبسط إليه يدا فقال سليمان لنفسه ( هذه والله واحدة ، إنه لا يأكل الصدقة )

ثم عاد في الغداة الى الرسول يحمل طعاما وقال ( أني رأيتك لا تأكل الصدقة ، وقد كان عندي شيء أحب أن أكرمك به هدية ) فقال الرسول لأصحابه ( كلوا باسم الله ) وأكل معهم فقال سليمان لنفسه ( هذه والله الثانية ، إنه يأكل الهدية )
ثم عاد سليمان بعد مرور زمن فوجد الرسول في البقيع قد تبع جنازة ، وعليه شملتان مؤتزرا بواحدة ، مرتديا الأخرى ، فسلم عليه ثم حاول النظر أعلى ظهره فعرف الرسول ذلك ، فألقى بردته عن كاهله فاذا العلامة بين كتفيه ، خاتم النبوة كما وصفت لسليمان فأكب سليمان على الرسول يقبله ويبكي ، فدعاه الرسول وجلس بين يديه ، فأخبره خبره ، ثم أسلم

عتقه

وحال الرق بين سليمان - رضي الله عنه - وبين شهود بدر وأحد ، وذات يوم أمره الرسول أن يكاتب سيده حتى يعتقه ، فكاتبه على ثلاثمائة نخلة يجيبها له بالفقير وبأربعين أوقية ، وأمر الرسول الكريم الصحابة كي يعينوه ،فأعانه الرجال بقدر ما عندهم من ودية حتى اجتمعت الثلاثمائة ودية ، فأمره الرسول ( إذهب يا سلمان ففقّرها ، فإذا فرغت فأتني أنا أضعها بيدي ) ففقرها بمعونة الصحابة حتى فرغ فأتى الرسول الكريم ، وخرج معه الرسول وأخذ يناوله الودي ويضعه الرسول بيده ، فما ماتت منها ودية واحدة فأدى النخيل
وأعطاه الرسول من بعض المغازي ذهب بحجم بيضة الدجاج وقال له ( خُذْ هذه فأدِّ بها ماعليك يا سلمان ) فقال ( وأين تقع هذه يا رسول الله مما علي ؟) قال ( خُذها فإن الله عزّ وجل سيؤدي بها عنك ) فأخذها فوزنها لهم فأوفاهم ، وحرر الله رقبته ، وعاد رجلا مسلما حرا ، وشهد مع الرسول غزوة الخندق والمشاهد كلها

غزوة الخندق

في غزوة الخندق جاءت جيوش الكفر الى المدينة مقاتلة تحت قيادة أبي سفيان ، ورأى المسلمون أنفسهم في موقف عصيب ، وجمع الرسول

وكان سلمان - رضي الله عنه - قد خبر في بلاد فارس الكثير من وسائل الحرب وخدعها ، فتقدم من الرسول واقترح أن يتم حفر خندق يغطي جميع المنطقة المكشوفة حول المدينة ، وبالفعل بدأ المسلمين في بناء هذا الخندق الذي صعق قريش حين رأته ، وعجزت عن اقتحام المدينة ، وأرسل الله عليهم ريح صرصر عاتية لم يستطيعوا معها الا الرحيل والعودة الى ديارهم خائبين
وخلال حفر الخندق اعترضت معاول المسلمين صخرة عاتية لم يستطيعوا فلقها ، فذهب سلمان الى الرسول مستأذنا بتغيير مسار الحفر ليتجنبوا هذه الصخرة ، فأتى الرسول مع سلمان وأخذ المعول بيديه الكريمتين ، وسمى الله وهوى على الصخرة فاذا بها تنفلق ويخرج منها وهجا عاليا مضيئا وهتف الرسول مكبرا ( الله أكبر.. أعطيت مفاتيح فارس ، ولقد أضاء الله لي منها قصور الحيرة ، ومدائن كسرى ، وإن أمتي ظاهرة عليها )

ثم رفع المعول ثانية وهوى على الصخرة ، فتكررت الظاهرة وبرقت الصخرة ، وهتف الرسول ( الله أكبر .. أعطيت مفاتيح الروم ، ولقد أضاء لي منها قصور الحمراء ، وإن أمتي ظاهرة عليها ) ثم ضرب ضربته الثالثة فاستسلمت الصخرة وأضاء برقها الشديد ، وهلل الرسول والمسلمون معه وأنبأهم أنه يبصر قصور سورية وصنعاء وسواها من مدائن الأرض التي ستخفق فوقها راية الله يوما ، وصاح المسلمون ( هذا ما وعدنا الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله )

فضله



قال النبي
( ثلاثة تشتاقُ إليهم الحُور العين عليّ وعمّار وسلمان )

حسبه

سُئِل سلمان - رضي الله عنه - عن حسبه فقال ( كرمي ديني ، وحَسَبي التراب ، ومن التراب خُلقتُ ، وإلى التراب أصير ، ثم أبعث وأصير إلى موازيني ، فإن ثقلت موازيني فما أكرم حسبي وما أكرمني على ربّي يُدخلني الجنة ، وإن خفّت موازيني فما ألأَمَ حَسبي وما أهوَننِي على ربّي ، ويعذبني إلا أن يعود بالمغفرة والرحمة على ذنوبي )

سلمان والصحابة

لقد كان إيمان سلمان الفارسي قويا ، فقد كان تقي زاهد فطن وورع ، أقام أياما مع أبو الدرداء في دار واحدة ، وكان أبو الدرداء - رضي الله عنه - يقوم الليل ويصوم النهار، وكان سلمان يرى مبالغته في هذا فحاول أن يثنيه عن صومه هذا فقال له أبو الدرداء ( أتمنعني أن أصوم لربي، وأصلي له؟) فأجاب سلمان ( إن لعينيك عليك حقا ، وإن لأهلك عليك حقا ، صم وافطر ، وصلّ ونام ) فبلغ ذلك الرسول فقال ( لقد أشبع سلمان علما )
وفي غزوة الخندق وقف الأنصار يقولون ( سلمان منا ) ووقف المهاجرون يقولون ( بل سلمان منا ) وناداهم الرسول قائلا ( سلمان منا آل البيت )
في خلافة عمر بن الخطاب جاء سلمان الى المدينة زائرا ، فجمع عمر الصحابة وقال لهم ( هيا بنا نخرخ لاستقبال سلمان ) وخرج بهم لإستقباله عند مشارف المدينة
وكان علي بن أبي طالب يلقبه بلقمان الحكيم ، وسئل عنه بعد موته فقال ( ذاك امرؤ منا وإلينا أهل البيت ، من لكم بمثل لقمان الحكيم ؟ أوتي العلم الأول والعلم الآخر ، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر ، وكان بحرا لا ينزف )

عطاؤه


لقد كان - رضي الله عنه - في كبره شيخا مهيبا ، يضفر الخوص ويجدله ، ويصنع منه أوعية ومكاتل ، ولقد كان عطاؤه وفيرا بين أربعة آلاف و ستة آلاف في العام ، بيد أنه كان يوزعه كله ويرفض أن ينال منه درهما ، ويقول ( أشتري خوصا بدرهم ، فأعمله ثم أبيعه بثلاثة دراهم ، فأعيد درهما فيه ، وأنفق درهما على عيالي ، وأتصدق بالثالث ، ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت )

الامارة

لقد كان سلمان الفارسي يرفض الإمارة ويقول ( إن استطعت أن تأكل التراب ولا تكونن أميرا على اثنين فافعل )
في الأيام التي كان فيها أميرا على المدائن وهو سائر بالطريق ، لقيه رجل قادم من الشام ومعه حمل من التين والتمر ، وكان الحمل يتعب الشامي ، فلم يكد يرى أمامه رجلا يبدو عليه من عامة الناس وفقرائهم حتى قال له ( احمل عني هذا ) فحمله سلمان ومضيا ، وعندما بلغا جماعة من الناس فسلم عليهم فأجابوا ( وعلى الأمير السلام ) فسأل الشامي نفسه ( أي أمير يعنون ؟!) ودهش عندما رأى بعضهم يتسارعون ليحملوا عن سلمان الحمل ويقولون ( عنك أيها الأمير ) فعلم الشامي أنه أمير المدائن سلمان الفارسي فسقط يعتذر ويأسف واقترب ليأخذ الحمل ، ولكن رفض سلمان وقال ( لا حتى أبلغك منزلك )
سئل سلمان يوما ( ماذا يبغضك في الإمارة ؟) فأجاب ( حلاوة رضاعها ، ومرارة فطامها )

زهده وورعه

هم سلمان ببناء بيتا فسأل البناء ( كيف ستبنيه ؟) وكان البناء ذكيا يعرف زهد سلمان وورعه فأجاب قائلا ( لا تخف ، إنها بناية تستظل بها من الحر ، وتسكن فيها من البرد ، إذا وقفت فيها أصابت رأسك ، وإذا اضطجعت فيها أصابت رجلك ) فقال سلمان ( نعم ، هكذا فاصنع )

زواجه

في ليلة زفافه مشى معه أصحابه حتى أتى بيت امرأته فلما بلغ البيت قال ( ارجعوا آجركم الله ) ولم يُدخلهم عليها كما فعل السفهاء ، ثم جاء فجلس عند امرأته ، فمسح بناصيتها ودعا بالبركة فقال لها ( هل أنت مطيعتني في شيءٍ أمرك به ) قالت ( جلستَ مجلسَ مَنْ يُطاع ) قال ( فإن خليلي أوصاني إذا اجتمعت إلى أهلي أن أجتمع على طاعة الله ) فقام وقامت إلى المسجد فصلّيا ما بدا لهما ، ثم خرجا فقضى منها ما يقضي الرجل من إمرأته
فلمّا أصبح غدا عليه أصحابه فقالوا ( كيف وجدتَ أهلك ؟) فأعرض عنهم ، ثم أعادوا فأعرض عنهم ، ثم أعادوا فأعرض عنهم ثم قال ( إنّما جعل الله الستورَ والجُدُرَ والأبواب ليُوارى ما فيها ، حسب امرىءٍ منكم أن يسأل عمّا ظهر له ، فأما ما غاب عنه فلا يسألن عن ذلك

عهده لسعد

جاء سعد بن أبي وقاص يعود سلمان في مرضه ، فبكى سلمان ، فقال سعد ( ما يبكيك يا أبا عبدالله ؟ لقد توفي رسول الله وهو عنك راض ) فأجاب سلمان ( والله ما أبكي جزعا من الموت ، ولا حرصا على الدنيا ، ولكن رسول الله عهد إلينا عهدا ، فقال ( ليكن حظ أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب ) وهأنذا حولي هذه الأساود - الأشياء الكثيرة - !) فنظر سعد فلم ير إلا جفنة ومطهرة قال سعد ( يا أبا عبد الله اعهد إلينا بعهد نأخذه عنك ) فقال ( يا سعد اذكر الله عند همك إذا هممت ، وعند حكمك إذا حكمت ، وعند يدك إذا قسمت )


وفاته

كان سلمان يملك شيئا يحرص عليه كثيرا ، ائتمن زوجته عليه ، وفي صبيحة اليوم الذي قبض فيه ناداها ( هلمي خبيك الذي استخبأتك ) فجاءت بها فإذا هي صرة مسك أصابها يوم فتح جلولاء ، احتفظ بها لتكون عطره يوم مماته ، ثم دعا بقدح ماء نثر به المسك وقال لزوجته ( انضحيه حولي ، فإنه يحضرني الآن خلق من خلق الله ، لايأكلون الطعام وإنما يحبون الطيب ) فلما فعلت قال لها ( اجفئي علي الباب وانزلي ) ففعلت ما أمر ، وبعد حين عادت فإذا روحه المباركة قد فارقت جسده ، وكان ذلك وهو أمير المدائن في عهد عثمان بن عفان في عام ( 35 هـ ) ، وقد اختلف أهل العلم بعدد السنين التي عاشها ، ولكن اتفقوا على أنه قد تجاوز المائتين والخمسين


يتبع


Rakan Mata 01-24-2012 03:45 PM




سلمى بن الاكوع
رضي الله عنه

" خير رجّالتنا - أي مُشاتنا - سلمة بن الأكوع "
حديث شريف
مـن هــو ؟
كان سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي من رماة العرب المعدودين ، ومن أصحاب بيعة الرضوان وحين أسلم أسلم نفسه للإسلام صادقا منيبا يقول ( غزوت مع الرسول

سبع غزوات ومع زيد بن حارثة تسع غزوات )
بيعة الرضوان
حين خرج الرسول وأصحابه عام ست من الهجرة ، قاصدين زيارة البيت الحرام ومنعتهم قريش ، وسرت شائعة أن عثمان بن عفان مبعوث الرسول الى قريش قد قتـله المشركون بايع الصحابة الرسـول على الموت ، يقول سلـمة ( بايعـت رسول الله على الموت تحت الشجرة ، ثم تنحيت ، فلما خـف الناس ، قال الرسول ( يا سلمة ، مالك لا تبايع ؟) قلت ( قد بايعت يا رسول الله ) قال ( وأيضا ) فبايعته ) فبايع يومها ثلاث مرات أوّل الناس ، ووسطهم ، وآخرهم

غزوة ذى قرد
أغار عُيينة بن حصن في خيل من غطفان على لقاح لرسول الله بالغابة ، وفيها رجل من بني غفار وامرأة له ، فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة في اللقاح ، وكان أول من نذر بهم سلمة بن الأكوع غدا يريد الغابة متوشحا قوسه ونبله ، ومعه غلام لطلحة بن عبيد الله ، معه فرس له يقوده ، حتى إذا علا ثنية الوداع نظر الى بعض خيولهم ، فأشرف في ناحية سلع ثم صرخ ( واصباحاه !)

ثم خرج يشتد في أثار القوم وكان مثل السبع ، حتى لحقهم ، فجعل يردهم بالنبل ويقول إذ رمى ( خذها وأنا ابن الأكوع ، اليوم يوم الرضع ) فيقول قائلهم ( أويكعنا هو أول النهار ) وبقي سلمى كذلك حتى أدركه الرسول في قوة وافرة من الصحابة ، وفي هذا اليوم قال الرسول ( خير رجّالتنا -أي مُشاتنا- سلمة بن الأكوع )
مصرع أخيه
لم يعرف سلمة الأسى والجزع إلا عند مصرع أخيه عامر بن الأكوع في حرب خيبر ، في تلك المعركة انثنى سيف عامر في يده وأصابت دؤابته منه مقتلا ، فقال بعض المسلمين ( مسكين عامر حرم الشهادة ) فحزن سلمة وذهب الى الرسول سائلا ( أصحيح يا رسول الله أن عامرا حبط عمله ؟) فأجاب الرسول ( إنه قتل مجاهدا ، وإن له لأجرين ، وإنه الآن ليسبح في أنهار الجنة )
الاصابة
رأى يزيـد بن أبي عُبَيـد أثرَ ضربة في ساق سلمة فقال له ( يا أبا مسلم ما هذه الضربـة ؟) قال سلمة ( هذه ضربة أصابتني يوم خيبر فقال الناس ( أصيب سلمة ) فأتيت الرسول فنفث فيها ثلاث نفثاتٍ ، فما اشتكيتُها حتى الساعة )
جــوده
كان سلمة على جوده المفيض أكثر ما يكون جوداً إذا سئل بوجه الله ، ولقد عرف الناس منه ذلك ، فإذا أرادوا أن يظفروا منه بشيء قالوا ( نسألك بوجه الله ) وكان يقول ( من لم يعط بوجه الله فبم يعط ؟)
وفاته
حين قتل عثمان بن عفان أدرك سلمى بن الأكوع أن الفتنة قد بدأت ، فرفض المشاركة بها ، وغادر المدينة الى الربذة ، حيث عاش بقية حياته ، وفي يوم من العام أربع وسبعين من الهجرة سافر الى المدينة زائرا ، وقضى فيها يومان ، وفي اليوم الثالث مات ، فضمه ثراها الحبيب مع الشهداء والرفاق الصالحين


Rakan Mata 01-24-2012 03:48 PM



انشاء الله بس الاقي عن بقيه الصحابه بكمل الموضوع

نكتفي لهنا حاليا وانشاء الله لي رجعه في الموضوع


ḾẮŁǾЏĐẮ 01-24-2012 05:28 PM

موضوع جميل ومفيد

جزاك الله خير

تم تقييمك ي بطل

واصل

Rakan Mata 01-25-2012 12:37 AM

نورتني يا مالودا :rose:

تشيلساوي 4 01-25-2012 10:29 AM

الله يعطيك العافيه
ماقصرت يامبدع

Rakan Mata 01-25-2012 10:49 AM

Teslam ya rab


Nawrtny :rose:


الساعة الآن 01:12 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

a.d - i.s.s.w