كانت قد ولدت كفيفة, ولم تري نور الدنيا من قبل.كان ذلك نتاج خطأ الطبيب في ولادتها القيصرية كما روت لها أمها.وكم لعنت هذا الطبيب,وتمنت موته الف مرة.ولم لا فهو الذي حرمها من الضياء,هو الذي جعلها لا تملك الا الاصغاء.انها حتي حرمت من الأصدقاء.الا الشخص الوحيد الذي يخاطبها بالمراسلة علي طريقة برايل.سنين مرت وهي تتسلم خطابه كل شهر.تتسلم خطابه بكل شوق ولهفة حتي تلمس بأناملها شلالات حب منهمرة تروي قلبها العاطش وتطفئ نارها المتقدة منذ الشهر الماضي.وتوازيها شلالات أخري تنهمر من عينيها المطفأة تنسال علي وجنتيها معلنة مزيدا من الشوق والحب والحسرة.كل ماكانت تبغاه هو ان تري النور ولو لساعة واحدة تتأمل وجهه وتعطيه قبلة علي جبينه وتشكره علي حبه لها.فهو الذي كان جسرها المضئ الذي تمشي عليه في غياهب الظلام.
وفجأة, ظهر الأمل.الأطباء يقولون انهم توصلوا لعملية جراحية معقدة يمكن فيها نقل الأعين من شخص لأخر ونسبة نجاحها لا تتجاوز اربعون بالمائة.
وعلي الرغم من فرحتها الطاغية,الا انها فقدت الامل مرة أخري.
فمن سيضحي بأغلي ما يملك.من سيفرط في النور ويذهب بقدميه الي الظلام.حتي امها قالت لها انها جراحة فاشلة وهذا مستحيل.انها تستطيع تحمل مصاريف الجراحة الباهظة,ويمكنها عرض مبلغ خيالي حتي تجد المتبرع ولكن من؟من؟
وبيأس اعلان في احدي الصحف عن متبرع ليفرط في عينيه مقابل مبلغ ضخم.
وكانت المفاجأة انها وجدت الشخص.نعم فالمبلغ كان مغريا جدا.كانت طيلة عمرها مقتنعة بهذا المبدأ.المال يأتي بكل شئ,حتي العينان بنورهما يأتيان من أجل المال.
ودخلت حجرة العمليات بالفعل وخرجت منها مبصرة.اذ نجحت الجراحة نجاح منقطع النظير.وكم كانت السعادة غامرة.وكم كانت فرحتها بالنور طاغية.
وبعثت له بالخطاب تقول له انها مبصرة الان.تطلب فيه ان يسافر لها لكي تراه وتنظر في عينيه وتقول له :احبك.
وانتظرت سفره بكل شوق ولهفة.انتظرته علي أحر من الجمر لتري حبيبها وتشكره ألف ألف مرة.
وعندما حانت لحظة الميعاد,اسقط بين قدميها.فهو كفيف.. أعمي.. يعيش في الظلام .انها لاتريد ان تشعر بهذا الظلام مرة أخري.
كانت قادمة لتقول له :احبك ,ولكن للأسف قالت له ارحل.
فقال لها : سأرحل ولكن ارجوكي, حافظي علي عيناي التي معكي.
(فكرة القصة منقولة,سمعتها وعجبتني وأردت ان أسردها لكم بأسلوبي وأتمني أن تنال ولو جزء بسيط من اعجابكم)